للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحتَ شجرٍ عليه ثمرٌ.

"اتَّقُوا الملاعِنَ الثَّلاثَ: البَرازَ في المواردِ، وقارعةِ الطَّريق، والظل". رواه أبو داود وابنُ ماجه (١).

(و) حَرُم بولُه وتغوطُه (تحت شجرٍ) أي: جنسه إن كان الشجرُ (عليه ثمرٌ) يقصَد، ولو غيرَ مأكول كالقُطن؛ لأنَّه يُفسِده، فإن لم يكن عليه ثمرٌ،

(" الملاعن الثلاث") سُميت بذلك؛ لجلبِها اللعنَ؛ لأنَّها أماكنُ راحةِ النَّاس، فإذا وجدوا ذلك فيها، قالوا: لعنَ اللهُ مَن فَعَلَه. أو: بمعنى الملعوناتِ؛ لأنَّ الحالاتِ ملعونات؛ أي: صاحبها، كـ ﴿عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٢١] أي: مرضية. مصنف. إنْ قيل: المؤمنُ لا تجوزُ عليه اللعنةُ، فما باله قال ذلك؟ إلَّا أن يُقال هذا من قبيل العامِّ الذي أريد به الخصوصُ من أهل الكتاب ونحوِهم، الذين يقصدونَ إفسادَ عبادةِ النَّاس، كالتغوط بالطاهر، وأمَّا في حق المؤمن، فمن بابِ التخويفِ؛ لأجل اجتنابِ ذلك، والحمدُ لله على ذلك، ولهذا نظائرُ لأولي الأبصار. وأجاز الشارحُ في ما يأتي بأن اللعنةَ على الشيءِ تدلَّ على تحريمه؛ لأنَّ فاعل المباح لا تجوزُ لعنتُه.

(وتحت شجرٍ … عليه ثمرٌ) مقصود للأَكل أو غيره؛ وذلك لما فيه من إفساد ما قصده النَّاسُ لمصلحتِهم، وصَونًا لها عن التلوث بالنجاسة فتعانه النفوس، وإنْ كانت تطهرُ بالغسل، فحرُم عليه ذلك. واحترز بقوله: "عليه (٢) ثمر" عما إذا لم يكن عليها ثمر، فإنَّه لا يحرُم حينئذ حيث لم يكن لها ظلٌّ نافع. دنوشري. (أي: جنسِه) أشارَ بهذا التفسير إلى أن الإضافةَ للجنس؛ لأنَّها تأتي له اللام.

(يقصَد) خرج بذلك الثمرُ الذي لم يقصَد، يُؤيِّد ذلك قولُه: (فإن لم يكن عليه ثمرٌ) أي:


(١) أبو داود (٢٦)، وابن ماجه (٣٢٨). قال النووي في "المجموع" ٢/ ٩٤: رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي بإسناد جيد.
(٢) في الأصل: "عليها".