للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فآيةُ المائدةِ (١) مؤكِّدةٌ مقرِّرةٌ لا مُؤسِّسة.

واختُلف هل الوضوءُ مِن خصائصِ هذه الأمَّةِ بدليل ما في "صحيح مسلم" عن أبي هريرةَ مرفوعًا: "لكم سيما ليست لأحدٍ مِن الأُمَمِ، تَرِدونَ عليَّ غُرًّا محجَّلينَ مِن أثرِ الوضوءِ" (٢) أو غير مختصٍّ بها، وإنَّما المختصُّ الغُرَّةُ والتحجيلُ؛ ذَهب إلى كلٍّ قومٌ.

(فآيةُ المائدة مؤكِّدةٌ مقرِّرةٌ) مفرَّعٌ على قوله: "وفُرِض بمكَّة مع الصلاةِ" وهو جوابٌ عمَّا يقال: فإن قيل: إنَّ آية الوضوءِ مدنيَّةٌ إلخ.

(تردون عليَّ غرًّا) وفي روايةٍ: "أنتمُ الغرُّ المحجَّلونَ يومَ القيامة، فمن استطاعَ منكم فليطلْ غرَّتهُ وتحجيلَه" (٣).

والغُرُّ: البيضُ الوجوه، كالفرسِ الأغرِّ، وهو الذي في وجهِه بياضٌ. والمُحَجَّلُ: هو الذي قوائمه بيضٌ.

والإطالةُ على الغُرَّةِ هي غسلُ الزائدِ على الواجب في اليدين والرجلين. حفيد.

(أو غير مختصٍّ بها) واحتجُّوا بالحديثِ الآخر: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي" (٤). وأجابَ الأوَّلونَ بضعفه، ولأنَّه لو صحَّ، احَتَمَل أنْ يكونَ خاصًّا بالأنبياءِ دونَ أُمَمِهم، لا بهذه الأمَّة.

ورُدَّ بأنَّه وَرَدَ أنَّهم كانوا يتوضَّؤونَ، ففي قصَّة جريج الراهب لمَّا رَموه بالمرأةِ، توضَّأ وصلَّى، ثمَّ قال للغلام: من أبوكَ؟ قال: الراعي (٥).


(١) وهي قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦].
(٢) "صحيح" مسلم (٢٤٧).
(٣) أخرجه مسلم (٢٤٦) من حديث أبي هريرة .
(٤) سيأتي تخريجه ص ٣١٧.
(٥) أخرجه البخاري (٢٤٨٢) ومسلم (٢٥٥٠) من حديث أبي هريرة .