للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنه فمٌ وأنفٌ،

(ومنه) أي: من الوجه (فَمٌ وأَنْفٌ) لدخولهِما في حدِّه الآتي، فلا بُدَّ مِن المضمضةِ والاستنشاقِ في الطهارتَين.

والجواب: أنَّ هذا اللازمَ غيرُ لازم؛ لجوازِ أنْ يثبتَ الوضوءُ بالوحيِ الغير المتلوِّ؛ لما ثَبتَ عن زيدِ بنِ حارثةَ عن النبيِّ : "أنَّ جبريلَ أتاهُ في أوَّلِ ما أوحيَ إليه، فعلَّمه الوضوءَ والصلاةَ". خرَّجه الإِمام أحمد (١).

قال الشيخُ برهانُ الدين المحدِّثُ الحلبيُّ (٢): اعلمْ أنْ الوضوءَ أوَّلُ ما فُرِض مع الصلاة. وكذلك في "المبدع". فَدَلَّ هذا على أنَّ الوضوءَ ثبتَ بالوحي الغيرِ المتلوِّ، كما تقدَّم.

فائدة: المائدة مقرِّرةٌ لا مؤسِّسة. دنوشري مع زيادةٍ وإيضاح.

﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ﴾ أي: مرَّةً؛ لأنَّ أمرَ: "فاغسلوا" لا يدلُّ على التكرار.

(ومنه: فمٌ وأنفٌ) فالمضمضةُ والاستنشاقُ واجبان، كما أنَّ غسلَ الوجهِ فرض وواجبٌ؛ (لدخولهما في حدِّه) ولأنَّهما في حكمِ الظاهرِ، بدليل أنَّ الصائمَ لا يُفطِرُ بوصولِ شيءٍ إليهما، ويُفطرُ بعودِ القيءِ إلى باطنِه بعدَ وصوله إليهما، وأنَّه يجبُ غسلُهما من النجاسةِ، ولا يمنعُ الطهارةَ طعامٌ بينَ الأسنان. دنوشري.


(١) في "مسنده" (١٧٤٨٠). وأخرجه أيضًا ابن ماجه (٤٦٢) بنحوه. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ١/ ١١٩: هذا إسناد ضعيفٌ؛ لضعفِ ابن لهيعة. اهـ وقال ابن أبي حاتم في "العلل" ١/ ٤٦: هذا حديث كذب باطل.
(٢) هو أبو الوفاء، إبراهيم بن محمَّد بن خيل، الطرابلسي الأصل، الحلبي المولد والدار، الشافعي، سبط ابن العجمي، له مصنفات كثيرة منها: "نور النبراس على سيرة سيد الناس"، وحواش على "سنن" ابن ماجه، و"نقد النقصان في معيار الميزان" وغيرها. مات مطعونًا (منة ٨٤١ هـ). "الضوء اللامع" للسخاوي ١/ ١٣٨ - ١٤٥ و"ذيل تذكرة الحفاظ" لأبي الفضل المكي ص ٣٠٨ - ٣١٥.