للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إنَّما عَنى به اليُسرى قَبْلَ اليمنى؛ لأنَّ مخرجَهما في الكتاب واحدٌ (١). فلو نكَّسَ وضوءَه، لم يحتسبْ بما غَسَله قبلَ وجهه. وإن توضّأ أربعَ مرَّاتٍ منكَّسًا، صحَّ إن كان متقاربًا؛ لأنَّه يحصلُ له في كلِّ مرةٍ غَسْلُ عضوٍ، ولو غَسل أعضاءَه دَفعةَ، لم يصحَّ.

وأمَّا الترتيبُ بين اليُمنى واليُسرى من اليدين أو الرجلين، فهو غيرُ واجب، وإنَّما هو مسنونٌ فقط. والإجماعُ على ذلك، كما حَكَاه ابنُ المنذر (٢)؛ لأنَّ اللهَ تعالى ذكرَ مخرجَهُما واحدًا، فقال: ﴿وَأَيْدِيكُمْ﴾ ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾.

والعاجزُ عن الوضوءِ يستأجِرُ مُوَضِّئًا وجوبًا بأَجْرِ المِثْل، فإنْ عَجَز أيضًا، تيمَّمَ وصلَّى ولم يُعِدْ. كما سيأتي في بابه. دنوشري.

(إنَّما عَنَى به) أي: إنَّما قَصَد سيِّدُنا عليٌّ كرَّم الله وجهَه بقوله ذلك أنْ يبتدأ بيدِه اليسرى قبل يده اليمنى، أو يبدأ برجلِه اليُسرى قبل اليمنى، وهذا لا يضرُّ؛ لأنَّ الترتيبَ بينهما سُنَّةٌ.

(فلو نَكَّسَ وضوءَه إلخ) هذا محترزُ قوله: "وخامسها: الترتيبُ".

(منكَّسًا، صحَّ إنْ كان إلخ) يختِمُ بوجهه، ويبدأُ برجلَيْه، فيحصل له من المرَّةِ الأُولى غسلُ الوجه، ومن الثانية غسلُ اليدين، ومن الثالثةِ مسحُ الرأسِ ومن الرابعة غسلُ الرجلَيْن.

وعلمتَ ما في كلامِه من التغليب، أي: تغليبِ الغسل على المسح، إذ لم يحصل له في المرَّة الثالثةِ إلَّا مسحُ رأسه. منه.

(ولو غسل أعضاءَه دفعةً، لم يصحَّ) غايةٌ لقوله: "فلو نكَّس إلخ" ويُتصوَّر كما ذكر المصنِّف على "المنتهى": بأنْ وضَّأَهُ أربعةٌ في حالةٍ واحدةٍ، لم يُجْزئْهُ (٣). بأن كانت الأربعةُ غَسَل كلُّ واحدٍ منهم عضوًا مِنَ الأربعة أعضاء في آنٍ واحدٍ، فهذا عدمُ تنكيسٍ وليسَ بترتيب.


(١) "مسائل عبد الله" ١/ ١٠٠، و"مسائل أبي داود" ص ١١.
(٢) في "الإجماع" ص ٢٠.
(٣) "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٩٩.