للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بأنْ لا يَؤَخِّرَ غَسْلَ عضوٍ حتَّى يَجِفَّ ما قبلَه.

(بأن لا يؤخِّر) المتوضئ (غسلَ عضوٍ) أو مسحَه (حتى يجفَّ) بكسر الجيم، أي: ينشَف (ما) فاعلُ: "يجفَّ" أي: العضو الذي (قبلَه) في زمنٍ معتدلِ الحرِّ والبرد، أو قَدْرَه من غيرِه.

(أي: العضو الذي قبلَه) أي: وبقيَّةُ عُضْوٍ حتى يَجِفَّ أَوَّلُه. والمعنى: أو بأنْ يؤخِّر غسلَ بقيَّةِ عُضْوٍ حتَّى يَجِفَّ أوَّلُه.

(أو قَدْرَهُ من غيرِه) أي: منِ غيرِ المعتدل، بأنْ توضَّأ في زمنٍ حارٍّ أو باردٍ، فلا تفوتُ الموالاةُ في الزَّمنِ الحارِّ إلَّا إذا مَضَى زمنٌ بَقَدْرِ الزمنِ المعتدلِ، حتى ولو جفَّ العضو [قبلَ العضو] (١) الذي يريدُ غَسْله. وإذا تراخى في الزمن البارد، فإنَّه يضرُّ، ولو لم يَنْشَفِ العضو قبلَ العضوِ الذي يريدُ غَسْلَه، ويضرُّ، أي: يبطلُ غسلُ العضوِ الأوَّلِ إنْ جَفَّ العضو المغسولُ قبلَ غسلِ ما بعدَه، إذا كان الجفافُ لاشتغال المتوضئِ بتحصيلِ ماءٍ، بأنْ فَرَغَ الماءُ في أثناءِ الوضوء، فاشتغَلَ بتحصيلِ ماء لبقيَّةِ وضوئِه، فجفَّ العضو الذي غسلَه، فإنَّه يضرُّ؛ لفواتِ الموالاة المفروضةِ، ووجبَ الاستئنافُ.

أو جفَّ العضو الأوَّلُ لاشتغالٍ بتبذيرٍ أو إسرافٍ في الماء الذي غسلَ به العضوَ الثاني، بأنْ زَادَ على الثلاث، فيضرُّ ذلك؛ لأنَّ الإسرافَ في الماء ليس من الطهارة الشرعيَّة.

أو جفَّ العضو الأوَّلُ لاشتغالٍ بنحوِ إزالةِ نجاسةٍ، أو إزالةِ وَسَخٍ، كشمعٍ، ودُهْنٍ، وعجينٍ لاصقٍ بالعضو، يمنعُ وصولَ الماءِ إلى البشرةِ، ونحوه كجبيرةٍ بَرِئ ما تحتَها، وكان ذلك الاشتغالُ لغيرِ طهارةٍ، بأنْ كانت إزالةُ النجاسةِ والوسخِ في غيرِ أعضاءِ الوضوءِ، أمَّا إذا كانَ ذلكَ في أعضاءِ الوضوءِ وكانا مانعَيْنِ لإيصالِ الماءِ إلى أعضاءِ الطهارة، فاشتغلَ بإزالَتِهِما، حتَّى جفَّ العضو الأوَّلُ، فإنَّه لا يضرُّ، ولو فاتتِ الموالاة. حتى ولو قُلْنا: إنَّ الحدثَ يرتفعُ قبلَ زوالِ حكم الخَبَث، واغْتُفر ذلك؛ لأنه حينئذٍ مشتغلٌ بأفعال الطهارة.

كما أنَّه لا يضرُّ اشتغالٌ بسنَّةٍ من سُنَنِ الوضوءِ، كتخليلِ لحيَةٍ كثيفةٍ، وأصابعَ، ومبالغةٍ


(١) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.