للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو قبلَها بيسيرٍ رَفْعَ الحَدثِ،

(أو) ينوي (قبلَها) أي: قبلَ التسمية، يعني أنَّه يجوزُ تقديمُ النِّيَّة على الطَّهارة (بـ) زمنٍ (يسيرٍ) كصلاةٍ وزكاةٍ (١)، ولا يُبْطِلُها عملٌ يسير، فلو كَثُر، استأنفها. وقولُه: (رفْعَ الحَدثِ) بالنصب، مفعولُ: "ينوي"، فالنِّيةُ محلُّها القلبُ.

ويسَنُّ التلفُّظ بها وبما نواه سرًّا. ووقتُها: عند أوَّلِ واجبٍ، كما تقدَّم، أو مسنونٍ، كما سيجيء.

(بزمنٍ يسير) يعني أنَّه لا يضرُّ تقدُّمُ النيَّةِ بزمنٍ يسير كتقدم نية الصلاة (٢) … المتوضئ وقارنتِ النيَّةُ فِعْلَ الوضوء، أو تقدَّمتْهُ بزمنٍ يسير، صحَّ وضوءُه (فلو كَثُر، استأنفها) هذا مفهومُ قوله: "بزمن يسير" أي: أنَّه يضرُّ كون التقدُّمِ بزمنٍ كثيرٍ، أي: طويلٍ عرفًا على الصحيحِ من المذهب، وقيل: يجوزُ التقدُّمُ مع ذكرِها، وبقاءِ حكمها. وجوَّز الآمديُّ تقديمَ نيَّةِ الصلاةِ بالزَّمنِ الطويل، ما لم يرتدَّ أو يفسخها، وكذا يخرَّج هنا. والمذهبُ الأوَّل. دنوشري.

(ولا يبطلها) أي: النيَّةَ.

(ويُسنَّ التَّلَفُّظُ بها) ليوافقَ لسانُه قلبَه، فلا يستحبُّ الجهرُ بالنيَّةِ على أحد الوجهين، وهو المذهبُ المنصوصُ عن الإمام أحمد، وأمَّا الجهرُ بها فإنَّه غيرُ مشروعٍ.

قال الشيخ تقيُّ الدِّين: اتَّفقَ الأئمَّةُ على أنَّه لا يُشرَعُ الجهرُ بها، ومن اعتادَه ينبغي تأديبُه، وكذا في بقيَّةِ العبادات، ويكرُه الجهرُ بها وتكرارُها، وهو منهيٌّ عنه عند الشافعيِّ وسائرِ أئمَّةِ الإسلام، وفاعله مسيءٌ، يجبُ نهيُه عنه، ويعزَل عن إمامته إنْ لم ينتَهِ. وفي "سنن" أبي داود أنَّه أمرَ بعزلِ إمامٍ لأجلِ بُصاقِه في القِبلة (٣). فإنَّ الإمامَ عليه أن يُصلِّيَ كما كان النبيُّ يصلِّي (٤). دنوشري.

(كما سيجيء) عند قولِه: "ويسنُّ أنْ ينوي".


(١) في (م): "وذكاة".
(٢) بعدها في الأصل طمس بمقدار خمس كلمات تقريبًا.
(٣) "سنن" أبي داود (٤٨١) من حديث أبي سهلة السائب بن خلاد، وهو عند أحمد (١٦٥٦١).
(٤) "مختصر الفتاوى المصرية" ص ٩ - ١٠، وينظر "مجموع الفتاوى" ٢٢/ ٢١٨ - ٢١٩.