للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى حَلِّها، إذا لبس الكلَّ

ولا يتقدَّر مسحُ الجبيرة بمدَّة، بل يمسحُ عليها (إلى حَلِّها) أي: نزعِها؛ لأنَّ مسحَها للضرورة، فيقدَّر بقدرها، وهي داعيةٌ إلى مسحها إلى حَلِّها، فقُدِّر به، وبرؤها كحلِّها، بل أَولى.

ومحلُّ صحَّةِ المسْحِ على ما تقدَّم (إذا لبس الكلَّ) من الخفِّ ونحوِه، والعمامةِ،

(إلى حلِّها) متعلِّقٌ بقوله: "ويصحُّ المسحُ على الجبيرة". إذا علمتَ ما يصحُّ المسحُ عليه، فمنه ما لا يتقدَّر بزمنٍ، ومنه ما يُقدَّر بزمن، وأَشارَ إلى الأوَّل بقوله: "إلى حَلِّها" أي: إلى حَلِّ جبيرةٍ أو بُرءِ ما تَحتها، ولو زادت مدَّتُها على مدَّة المسحِ على الخفِّ للمقيمِ والمسافر؛ لأنَّ المسحَ عليها للضَّرورة، وما كان كذلك، فإنَّه يتقدَّرُ بقَدرها، فيستمرُّ جوازُ المسحِ إلى حلِّها؛ للضَّرورة الداعيةِ إلى ذلك، بخلاف غيرِها. وقيل: يمسحُ على ما عدا الجبيرةِ كالجبيرة. يعني: إلى حينِ نزعِ ذلك الممسوحِ. قال في "الفروع": واختاره (١) شيخُنا (٢). وبه قال مالكٌ. فتستمرُّ مدَّةُ المسحِ إلى خَلْعه. والمذهبُ الأوَّلُ.

ولا يمسحُ في الطهارةِ الكبرى غيرَ الجبيرة، فلا يمسحُ فيها على الخفَّين، ولا على العِمامة والخمارِ؛ لما روى صفوانُ بن عسَّالٍ قال: أمَرَنا رسولُ الله إذا كنَّا مسافرين أو سَفْرًا- ألَّا نَنزعَ خِفافَنا ثلاثةَ أيامٍ ولياليَهنَّ إلَّا مِن جَنابة. رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ (٣). فلا مَدخلَ لحائلٍ في الطهارةِ الكبرى إلَّا الجبيرة؛ لأنَّ المسحَ على الخفَّين ونحوِهما ثَبَتَ على خلاف القياسِ وفي الوضوءِ، فلا يُقاس عليه الجنابةُ. وإنَّما جاز المسحُ على الجبيرةِ في الطهارةِ الكبرى؛ لأنَّه مسحٌ أُبيح للضَّرورة في الطهارةِ الكبرَى والصُّغرى. دنوشري وزيادة.


(١) في الأصل: "واختار"، والمثبت من "الفروع" ١/ ٢٠٩.
(٢) "الاختيارات الفقهية" ص ٢٢.
(٣) الترمذي (٩٦)، وتقدم تخريجه ص ٣٣٥.