للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا يسيرًا من قاعدٍ، وقائمٍ غيرِ مستنِدٍ، ونحوهِ.

و (إلا) نومًا (يسيرًا) عُرفًا (من قاعدٍ وقائمٍ غيرِ مستندٍ) كلاهما (ونحوِه) أي: نحو المستند، كمتكئ ومُحتَبٍ؛ لقولِ أنسٍ: "كانَ أصحابُ رسولِ الله ينتظرون العشاءَ الآخرةَ (١) حتى تخفِقَ رؤوسُهم، ثمَّ يصلُّون ولا يتوضؤون" رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح (٢). ولقولِ ابنِ عباسٍ في قصَّة تهجُّدِه : فجعلْتُ إذا أَغْفَيْتُ يأخُذُ بشَحْمَةِ أُذني. رواه مسلم (٣).

طلعت الشمسُ (٤)، ولو كان غيرَ نائمٍ، لَما ترك صلاةَ الصُّبحِ؟

فجوابُه من وجهين: أَحدهما -وهو المشهورُ-: أنَّ القلبَ يقظانُ يُحِسُّ بالحَدَث وغيرِه فيما يتعلَّق بالبدن ويشعرُ به القلبُ، وليس طلوعُ الفجرِ والشمسِ من ذلك؛ لأنَّه إنَّما يُدرَك بالعين، وهي نائمةٌ.

والثاني: أنَّه كان له نومان: أَحدُهما: تنام عينُه وقلبُه. والثاني: عينُه دون قلبهِ. وكان نومُ الوادي من النوم الأَوَّلِ. مصنِّف في حاشية "الإقناع" في كتابِ النِّكاح (٥).

(وإلَّا نومًا يسيرًا عُرفًا) يعني: أنَّ مرجعَ الكثرةِ والقلَّةِ العرفُ؛ لأنَّه لا حدَّ له في الشَّرع. وقيل: ما لم يتغيَّر عن هيئته، كسقوطه. ومَن لم يُغلبْ على عقلِه، فلا وضوءَ عليه. وإنْ خطر بباله شيءٌ لا يدري أرؤيا أو حديثُ نفسٍ، فلا وضوءَ عليه. وإنْ شكَّ في النوم الكثيرِ، لم يلتفتْ إليه. وإنَّما استثنى المؤلِّفُ -رحمه الله تعالى- النومَ اليسيرَ إذا كان من جالسٍ وقائمٍ،


(١) في الأصل و (ز) و (س): "الأخيرة"، والمثبت من (ح)، وهو الموافق لما في "سنن" أبي داود.
(٢) برقم (٢٠٠)، وأخرجه بنحوه مسلم (٣٧٦) (١٢٥).
(٣) برقم (٧٦٣) (١٨٥).
(٤) أخرجه البخارى (٣٤٤)، ومسلم (٦٨٢) من حديث عمران بن حصين . وهو عند أحمد (١٩٨٩٨).
وأخرجه البخارى (٥٩٥)، ومسلم (٦٨١) من حديث أبي قتادة ، وهو عند أحمد (٢٢٥٤٦).
وأخرجه مسلم (٦٨٠) من حديث أبي هريرة ، وهو عند أحمد (٩٥٣٤).
(٥) "كشاف القناع" ٥/ ٣٦.