للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أو خنثى، لشهوةٍ، أوْلا، وكان الذَّكر أشلَّ أو قلفة؛ لحديث بُسرة بنتِ صفوان (١): أنَّ النبي قال: "مَنْ مسَّ ذَكرَه، فليتوضأ" رواه مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ وغيرهم (٢).

الهجرة، وإسلامَ أبي هريرةَ كان في السنة السابعة، وبسرةَ كان في السنة الثامنةِ تمامَ الفتح. هذا وإن لم يكنْ نصًّا في النسخ، فهو ظاهرٌ فيه، وحديثُهم مبقيٌّ على الأصل، وأحاديثنا ناقلةٌ عنه، وهي أَولى. وقياسُهم الذَّكَرَ على بقيَّة البدنِ لا يستقيم؛ لأنَّه يتعلَّق به أحكامٌ ينفردُ بها، مِن إيجاب الغُسلِ بإيلاجِه، والحدِّ، والمهرِ، وغيرِ ذلك. ومنهم مَن حمل الحديثَ على المسِّ من وراءِ حائلٍ؛ لأنَّه كان في الصَّلاة، والمصلِّي في الغالب إنَّما يمسُّه من فوقِ ثيابِه. ولا فرقَ بين كونِ الممسوسِ فرجًا للماسِّ أو لغيره؛ لأنَّه إذا انتقضَ وضوءُه بمسِّ فرجِ نفسِه، مع كونه لا يهتِكُ حرمةَ غيرِه، ومع كونِ الحاجةِ تدعو إلى مسِّه -وهو جائز- فَلأن ينتقضَ بمسِّ فرجِ غيرِه، مع كونه معصيةً، أولى. على أنَّ في بعض ألفاظِ حديثِ بُسَرةَ: "مَن مسَّ الذَّكَرَ، فلْيتوضَّأ" (٣) وهو عامٌّ، فيشمَلُ كلَّ ذَكَرٍ، حتى ذَكَرَ الطفلِ والميَت.

وقوله: (أو خُنثى) أي: أو كان الممسوسُ قُبُلَي خنثى مشكِلٍ، ولو كان هو اللامس مطلقًا، سواءٌ كان لشهوة أو لغير شهوةٍ، وسواءٌ مسَّهما معًا أو مرتَّبًا؛ لأن أحدَهما فَرْجٌ أصليٌّ بيقين؛ لأنَّ الخنثى لا يخلو إمَّا أن يكون ذَكَرًا أو أنثى، فإن كان ذَكرًا، فقد مسَّ ذَكرَ ذَكَرٍ، وإن كان أُنثى، فقد مسَّ فَرْجَ امرأةٍ. وقولُه: (ولو كان الذَّكَرُ أشلَّ) أي: لا نفعَ به؛ لبقاء اسمِه وحُرمتِه. وقيل: لا نقضَ؛ لكونه أشلَّ، أشبهَ الزائدَ. والمذهبُ الأوَّل.

وقولُه: (أو قُلْفةً) أي: أو كان الذَّكرُ الأصليُّ له قُلْفةٌ -بضمِّ القافِ: وهي الجِلدةُ التي تُقطعُ في


(١) هي: بسرة بنت صفوان بن نوفل القرشية الأسدية زوج المغيرة بن أبي العاص لها سابقة قديمة وهجرة ومن المبايعات، ذكر ابن الكلبي أنها كانت ماشطة تقيِّن -تزيِّن- النساء بمكة. "الإصابة" ١٢/ ١٥٨.
(٢) "موطأ مالك" ١/ ٤٢، و"مسند الشافعي" ١/ ٣٤، و"مسند أحمد" (٢٧٢٩٣)، وهو عند أبي داود (١٨١)، والترمذي (٨٢)، والنسائي في "المجتبى" ١/ ١٠٠، وابن ماجه (٤٧٩). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحح.
(٣) لم نقف على هذا اللفظ في حديث بسرة، وقد أخرجه عبد الرزاق (٤٤١) من كلام أبان بن عثمان. وجاء في حديث بسرة: "يتوضأ من مس الذكر"، وهو عند النسائي ١/ ١٠٠ - ١٠١، ووجادات عبد الله في "مسند" أبيه أحمد (٢٧٢٩٦).