للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمسُ ذَكَرٍ أو أنثى الآخَرَ لشهوةٍ،

الخامس من النواقض: أشار إليه بقوله: (ولمسُ ذَكَرٍ، أو أنثى الآخرَ) بالنَّصْبِ مفعول "لمس" وذلك بأن يَلْمِسَ الذَّكَرُ بشَرة الأنثى. أو تمَسَّ بشرتَه بلا حائل؛ لقوله تعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [المائدة: ٦] بشرط أن يكونَ اللمسُ (لشهوة) للجمع بين الآية والأخبار. فلو حصل اللَّمسُ بلا شهوة، وهي: التلذُّذ بذلك، فلا نقضَ؛ لحديث عائشةَ قالتْ: "كنتُ أنامُ بين يدي رسولِ الله ورجلايَ في قِبلته، فإذا سجد، غَمَزني، فقبضْتُ رجليَّ" متَّفق عليه (١)

الفَرْجَ اسمٌ لمخرج الحدثِ لا ما قاربَه. وعُلم ممَّا تقدَّم أنَّه لا نقضَ بمسٍّ غير الفَرْجَين من البدنِ. وهو قولُ الجمهورِ من العُلماءِ. وإنَّما ينقضُ مسُّ الفرجِ أو الثقبِ. دنوشري.

(ولمسُ ذَكَرٍ أو أُنثى الآخَرَ) هذا من بابِ إضافةِ المصدرِ إلى فاعله. بأن يمسَّ الرجلُ المرأةَ لشهوة، أو تمسَّ المرأةُ الرجلَ لشهوة. واللمسُ في الأصل: الجَسُّ باليد. والمرادُ به: التقاءُ بَشَرتي الرجلِ والمرأةِ. أمَّا كونُ اللمسِ لا ينقضُ إلَّا إذا كان لشهوة، فلِلجمع بين الآيةِ والأخبارِ؛ لأنَّه رُوي عن عائشةَ أنها قالت: فقدتُ رسولَ الله ليلةً من الفراشِ، فالتمستُه، فوقعت يدي على بطنِ قدمَيه وهو في المسجدِ، وهما منصوبتان. رواه مسلم (٢) -ونصبُهما دليلٌ على أنَّه كان يصلِّي-[و] رواه النَّسائي (٣). ولو بطلَ وضوءُه، لَفسدت صلاتُه. فاللمسُ الناقضُ للوضوءِ معتبرٌ مع الشهوة؛ لأن المسَّ ليس بحدثٍ في نفسِه، وإنَّما هو داعٍ إلى الحدثِ، فاعتُبرت الحالةُ التي تدعو لها، وهي حالةُ الشهوةِ. وأمَّا كونُ المرأة ينتقضُ وضوءُها بلمس الرجلِ لشهوةٍ، فإنَّها ملامَسةٌ تنقضُ الوضوءَ، فاستوى فيها الذَّكَرُ والأنثى، كالجِماع. سئل الإمامُ أحمدُ عن المرأة تمسُّ زوجَها؟ قال:


(١) البخاري (٣٨٢)، ومسلم (٥١٢) (٢٧٢)، وهو عند أحمد (٢٥١٤٨).
(٢) برقم (٤٨٦)، وهو عند أحمد (٢٥٦٥٥).
(٣) في "المجتبى" ١/ ١٠٢ - ١٠٣. وما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.