للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينقضُ غَسْلُ ميتٍ.

السادس من النواقض: أشار إليه بقوله: (وينقض) الوضوءَ (غَسْلُ) -بفتح الغَين المعجمة- أي: تغسيل (ميتٍ) أو بعضِه، ولو في قميصٍ؛ لما روى عطاء: أنَّ ابنَ عمر وابنَ عباس كانا يأمران غاسلَ الميتِ بالوضوء (١). وعن أبي هريرةَ: أقلُّ ما فيه الوضوءُ (٢). ولم يُعرف لهمْ مخالفٌ. والغاسلُ من يقلِّبه ويباشرُه ولو مرَّةً، لا مَن يصبُّ

ولا ينتقضُ الوضوءُ أيضًا بانتشارٍ عن فِكرٍ وتكرُّرِ نَظَرٍ، ولامسِّ خنثى مشكلٍ، ولا بمسِّه رجلًا أو امرأةً، ولامسِّ الرجلِ الرجلَ، ولا المرأةِ المرأةَ، ولا لشهوة فيهنَّ.

(غَسلُ ميتٍ) كبيرٍ أو صغيرٍ، ذَكَرٍ أو أنثى، مسلمًا أو كافرًا، وإن كان غَسلُ المسلمِ الكافرَ حرامًا. فينتقضُ وضوءُ غاسلِه ولو غسَّلَه في قميصه، على الصَّحيح من المذهب، وهو المنصوصُ عن الإمامِ أحمدَ وعامَّةِ أصحابِه، [وعليه جماهيرُ] (٣)، وجزمَ به في "الكافي" (٤) و"الوجيز"، وقدَّمه في "المحرَّر" و"الفروع" (٥). وهو من مفرَدات المذهبِ. قال في "المبدِع": ولأنَّ الغاسلَ لا يسلمُ من مسِّ عورةِ الميتِ غالبًا، فأُقيم مُقامَه، كالنوم مع الحدثِ. (أو بعضِه) أو بعضِ الميت. وظاهرُه: سواءٌ كان بعضُ الميتِ متَّصلًا أو منفصلًا. فلو غسل يدًا، انتقضَ وضوءُه. قال في "الإنصاف" (٦): غَسلُ بعضِ الميتِ كغَسل جميعهِ، على الصَّحيح من المذهبِ. وتعليلُ صاحبِ "المبدع" بأنَّ الغاسلَ لا يسلمُ من مسِّ عورةِ الميتِ غالبًا ليس بسديدٍ؛ لعدم تحقُّقِ مسِّ الفَرْج، فلهذا علَّله في "المنتهَى" (٧) بكونه تعبُّدًا،


(١) أثر ابن عمر أخرجه عبد الرزاق (٦١٠٧)، والبيهقي ١/ ٣٠٦ لكن من طريق نافع، عن ابن عمر. وأثر ابن عباس أخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (٦١٠١)، والبيهقي ١/ ٣٠٥.
(٢) أورده هكذا ابن قدامة في "المغني" ١/ ٢٥٦.
(٣) كذا في الأصل، وينظر "الإنصاف" ٢/ ٥٢.
(٤) ١/ ١٠١.
(٥) ١/ ٢٣٦.
(٦) ٢/ ٥٣.
(٧) ذكره في "معونة أولي النهى" ١/ ٣٥٨.