للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وعُلم من كلامه أنَّه لا نَقْضَ بشرب لبنٍ، ومَرَقِ لَحْمٍ، وأكلِ كَبِد، وطِحال وسَنامٍ، وجلدٍ، وكَرِش، ونحوه.

الأصولَ، فأبو حنيفةَ أَوجبه بالقهقهةِ في الصَّلاة دون خارجِها، بحديثٍ مرسَلٍ من مراسيلِ أبي العاليةِ (١).

ولا نقضَ بأكل ما سِوَى لحمِ الإبلِ من اللحوم، سواءٌ كانت مباحةً أو محرَّمةً، كلحوم السِّباعِ إذا أُكلت للضَّرورة؛ لكون النقضِ بلحم الإبلِ تعبُّدًا (٢) .. فلا يعلَّل ولا يعقل معناه، ولا يتعدى إلى غيره. وقيل: هو معلل بتشيطنه؛ لأنَّها من الشياطين، كما ورد في الحديث: "على ذِروة كلِّ بعيرٍ شيطانٌ" (٣) إذْ كلُّ عاتٍ متمرِّدٍ شيطانٌ، فالكلب الأسودُ شيطانُ الكلابِ، والإبلُ شياطينُ بهيمةِ الأنعامِ، فالأكلُ منها يُورِث قوَّةً شيطانيةً، والشيطانُ يُطفئه باردُ الماءِ. دنوشري.

(وعُلم من كلامه) أي: فُهم منه أنَّه لا نقضَ ببقيَّة أجزائه، ككَبِدها، وطِحالها، وكَرِشها، وجلدِها، ومُصْرانها، وسَنامها، ودُهنها، وقلبِها؛ لأنَّ النصَّ لم يتناولْه. ولا بطعام نجسٍ أو محرَّم. ولا نقضَ بشُرب لبنِها، وشربِ مَرَقِ لحمِها؛ لأنَّ الأخبارَ الصحيحةَ إنَّما وردت في اللحمِ، والحكمُ فيه غيرُ معقولِ المعنى، فيُقتصرُ على مَورد النصِّ فيه.


(١) أخرج الدارقطني في "سننه" (٦٠٣) ومن طرق متعددة أخرى -وقد ضعَّفها- عن أبي العالية وأنس بن مالك: أن أعمى تردَّى في بئرٍ، فضحك ناسٌ خلف رسول الله ، فأَمَر رسول الله من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة. وهو عند عبد الرزاق (٣٧٦٠) و (٣٦٧١) و (٣٦٧٢) و (٣٦٧٣)، وأبي داود في "المراسيل" (٨)، وابن عدي في "الكامل" ٣/ ١٠٢٩ براويات متعددة وبألفاظ متقاربة.
وقد روي مسندًا أيضًا عن أبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وابن عمر، وأنس، وجابر، وعمران بن حصين، وأبي المليح، وكلها فيها مقال، ينظر "نصب الراية" ١/ ٤٧ - ٥٣.
(٢) بعدها في الأصل طمس بمقدار كلمتين.
(٣) أخرجه النسائي في الكبرى (١٠٢٦٥)، وأحمد (١٦٠٣٩)، وابن حبان (١٧٠٣) من حديث حمزة بن عمرو الأسلمي ، وأخرجه أحمد (١٧٩٣٨)، وابن خزيمة (٢٣٧٧) من حديث أبي لاس الخزاعي . وله شواهد.