للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خروج منيٍّ بلذَّةٍ،

أحدها: ما أشار بقوله: (خروج مَنيٍّ) بتشديدِ الياء على وزن غنيٍّ: وهو ماءٌ، غليظٌ، دافقٌ، يخرجُ عند اشتدادِ الشهوة. ومَنيُّ المرأة أصفرُ رقيق (١).

ولابُدَّ أن يكون دَفْقًا (بلذَّة) لقول عليِّ: إنَّ النبيَّ قال: "إذا فَضَخْتَ الماء، فاغتَسِل، وإنْ لم يكُنْ فاضخًا، فلا تَغتَسلْ" رواه أحمدُ (٢). والفَضْخُ: خروجُه بالغَلَبة. قاله إبراهيم الحربيُّ (٣). فلو خرج بلا لذة من غيرِ نائمٍ ونحوِه، كمجنونٍ، ومغمًى عليه، وسكران، لم يوجب غسلًا، فيكون نجسًا وليس منيًّا، كما في "الرِّعاية". ولا بُدَّ أن يخرجَ المنيُّ من مَخْرجِه أيضًا، فلو انكسر صلبُه فخرج منيُّه، لم يجبْ به (٤) غُسلٌ، وحكمُه: كنجاسةٍ معتادة.

(بلذَّةٍ) عندَ خروجه في حق غير نائمٍ ونحوه، كمغمًى عليه، وغير النائم ونحوه: هو اليقظانُ. ويلزم من اللذَّةِ أن تكون دَفْقًا، فلهذا استغنَى المصنف -رحمه الله تعالى- عن ذِكرِ الدَّفْقِ بذكر اللذَّةِ. فلو جامع اليقظانُ وأكسل (٥)، فاغتسلَ لجماعِه، ثمَّ أنزلَ بلا لذَّةٍ بعد غُسْلِه، لم يُعِد الغُسل؛ لِفقدِ اللذَّة المعتبرَةِ شرعًا في وجوبِ الغُسل.

ولو خَرَجَ ما يشبهُ المنيَّ لمرضٍ أو برودةٍ من غير شهوةٍ، لم يجت له غُسْلٌ، وهو قولُ أبي حنيفة ومالك. وقال الشافعيُّ: يجبُ. انتهى. دنوشري.

(كمجنونٍ … إلخ) أي: أو من يقظان بغيرِ لذَّةٍ وهو مثالٌ للنحو.


(١) "المطلع" ص ٢٧.
(٢) في "مسنده" (٨٦٨)، وأخرجه -أيضًا- أبو داود (٢٠٦)، والنساير في "المجتبى" ١/ ١١١، وفي "الكبرى" (١٩٧) دون قوله: "وإن لم تكن فاضخًا فلا تغتسل" وصحَّحه النووي في "المجموع" ٢/ ١٥٤.
(٣) هو أبو إسحاق، إبراهيم بن اسحاق بن إبراهيم البغدادي الحربي، صاحبُ التصانيف، منها: (غريب الحديث) وهو من أنفس الكتب وأكبرها في هذا النوع. (ت ٢٨٥ هـ). "طبقات الحنابلة" ١/ ٨٦ - ٩٣، و"سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٣٥٦ - ٣٧٢.
(٤) ليست في الأصل و (م).
(٥) أكسل الرجل: إذا جامع ثم لحقه فتورٌ فلم ينزل. "اللسان" (كسل).