للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعَدِمَ الماءَ، أو زاد على ثمنهِ كثيرًا،

الشرط الثاني: عجزُه عن استعمال الماء حسًّا، كأنْ عدمَ الماء، أو شرعًا، كأنِ احتاجَ إلى الماء في نحوِ شُربٍ، وإلى هذا أشار بقوله: (وعدم الماء) حضرًا، أو سفرًا، بحبسٍ لمتيمِّم عن الماء أو عكسه، أو غيرِ الحبس، كقَطع عدوٍّ ماءَ بلده؛ لعمومِ حديث أبي ذرٍّ أن النبي قال: "الصَعِيدُ الطيبُ طَهُورُ المسلم وإنْ لم يَجِدِ الماءَ عشرَ سنين، فإذا وَجَدَهُ، فلْيُمِسه بَشَرَته؛ فإن ذلك خير" رواه أحمد (١).

(أو زاد) الماءُ (على ثمنِه) أي: ثمنِ مِثْلِه قدرًا (كثيرًا) عُرفًا، فيصحُّ التيمُّم.

(وعدم الماء) بابُه: علم. فِعل وفاعلٌ. فتعذَّر استعمالُه (بحَبسٍ) لمتيمِّم، بأن حُبس المتيممُ عن الخروجِ في طلب الماء، (أو عكسُه) بأن حُبس الماءُ عن المتيمِّم بوضعه في مكانٍ لا يصلُ إليه (كقطعِ عدوٍّ ماءَ بلدِه) مصدرٌ مضاف لفاعله، و "ماءَ بلدِه" مفعولُه (أو زادَ الماءُ على ثمنه إلخ) أي: أو عدم بذله إلَّا بزيادةٍ كثيرة عادةً على ثمنِ مثلِه في مكانه. فقولُه: "أو زاد الماءُ إلخ" معطوفٌ وهو (٢) مقدّرٌ مِن لفظه وحذفِ أداةِ الاستثناءِ وحرفِ (٣) الجر. والمعنى: إذا دخل وقتُ فرضٍ وعدم الماء أو عدم بذله إلا بزيادة إلخ؛ لأن عليه في رفع الزيادةِ الكثيرةِ ضررًا كثيرًا؛ فلم يلزمه أن يتحمله، كضرر النفس. قال في "المبدع": أو ثمنٍ يعجزُ عن أدائه؛ لأن العجزَ عن الثمن يُبيح الانتقالَ إلى البَدَل، دليلُه العجزُ عن ثمنِ الرقبةِ في الكفارة. وفُهم من قوله: "زيادة كثيرة" أن الزيادةَ اليسيرة تُتحمَّل، ولا تكونُ مبيحةً للتيمم.

"فرع": قال في "المبدع": إذا بذل ماءٌ بثمنٍ في الذِّمَّة يَقدر على أدائه في بلده، لم يلزمه في الأصح، واختاره أبو الحسنِ الآمدي؛ لأن عليه ضررًا في بقاءِ الدَّين في ذِمته، وربَّما


(١) في "مسنده" (٢١٣٧١)، وسلف تمام تخريجه ص ٤٢٥.
(٢) في الأصل: "على"، ولعل المثبت هو الصواب.
(٣) في الأصل: "وحروف"، والمثبت هو الأقرب للمعنى.