للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وعُلم منه أنَّه يلزمُه شراءُ ماءٍ بثمنِ مِثْلِه، أو زائد يسيرًا عرفًا؛ لأنه قادر على استعمالِه إذن من غيرِ ضررِ. فإن عجز عن ثمنِ الماء، أو احتاجَه لنحوِ نفقةٍ، تيمَّم، وكذا يلزمُه شراءُ حبلِ ودَلْوٍ.

تلف مالُه قبل أدائه، وقال القاضي: يَلزمه كالكفارة في شراءِ الرَّقبة إذا كان مالهُ غائبًا وأمكنه شراؤها بِنيته، وأجيب: بأن الفرضَ متعلق بالوقتِ، بخلاف المكفِّرِ، وظاهرُه أنّه إذا لم يكن له في بلدِه ما يوفيه، لم يلزمه شراؤه، وصرَّح به في "المغني" (١) وغيرِه؛ لأن عليه ضررًا.

(قدرًا كثيرًا) قدّر الشارحُ "قدرًا"، إشارة إلى أنَّ "كثيرًا" صفة لموصوفٍ محذوفٍ.

(فإن عجَزَ عن ثمن الماء … إلخ) مفرَّع على قوله: "أو زاد الماءُ على ثمنه كثيرًا". (حبل ودَلْوٍ) أي: ومثلُ ما في الحكم المذكورِ حبلٌ ودلوٌ. يعني: يلزم شراءُ ماء بثمنِ مثلِ الماءِ، وشراءُ حبل بثمنِ مثلِ الحبلِ، وشراءُ دلو بثمن مثلِ الدَّلو، احتيجَ إليهما لاستقاء الماء، أو بزائدٍ عن ثمن المثلِ شيئًا يسيرًا إذا كان معه ما يشتري به فاضلٌ عن حاجته، من نفقةِ نفسِه، وعيالِه، وقضاءِ دينه، ونفقةِ حَيَوان محترمٍ، فحينئذٍ يلزمُه شراؤه؛ لأنّه قادر على استعماله من غيرِ ضررٍ، ولأنه يلزمه شراءُ ستر عورته للصلاة، فكذا هنا. فإذا كثرت الزيادةُ على ثمن المثلِ، فلا يلزمُه الشراءُ؛ لانها تجعل الموجودَ حسًّا كالمعدومِ شرعًا، ولأن ضررَ الزيادةِ اليسيرةِ مغتَفَر على الأصح. وقد اغتُفر الضررُ اليسيرُ في بدنه، مِن صُداع وبردٍ، فهنا أولى. وعنه: لا يلزمُه شراؤه مع زيادة مطلقًا؛ لأنّ عليه ضررًا بالزيادة، كما لو خاف لصًّا يأخذ من مالِه. والمذهبُ الأول. فلا يلزمُه الشراءُ بما يحتاجُ إليه، ولا بثمنٍ في ذمَّته ولو وجده يباعُ نسيئة وقَدَرَ عليه في بلده، على الصَّحيح من المذهبِ. قاله في "الإنصاف" (٢). ومتى عدم واشترى، كان ذلك أفضلَ، ولم


(١) ١/ ٣١٨.
(٢) ٢/ ١٨٤.