(أو خاف باستعماله) أي: الماءِ (ضررَ بدنِه) بعطشٍ ولو متوقَّعًا، أو بجرحٍ، أو مرضٍ يخشى زيادتَه، أو تطاولَه، أو بقاءَ أثرِ شَين، تيمَّم؛ لعمومِ قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [النساء: ٤٣].
(أو) خاف باستعماله ضررَ (رفيقه) المحترَم بعطشه، تيمَّم؛ لأن حرمتَه تُقدَّم على الصّلاة، بدليل ما لو رأى غَرِيقًا عند ضِيقِ وقتِها، فيتركُها ويُنقِذه، فتقديمُها على الطهارة بالماء أولى، ولا فرقَ بين رفيقِه المزاملِ، أو واحدٍ من أهل الرَّكب. ويلزمُه بذلُ ماءٍ لعطشِ رفيقِه، لا لطهارته بحال.
يُعد إسرافًا؛ لأنه بذلَ مالَه في تكميل عبادتِه، بخلاف العطشانِ لو توضأ ولم يشربْ، فإنه يكونُ عاصيًا؛ لأنه ألقى نفسَه إلى التهلُكة. قاله المجدُ في "شرحِه". ويلزمه أيضًا استعارةُ الحبلِ والدَّلوِ، بأنْ يطلبَهما ممن هما معه على وجه العاريةِ. ويلزمُه قَبولُهما عارية إذا بُذلا له على وجه العاريةِ. ويلزمُه قَبولُ ماء قرضًا وهبةً. ويلزمُه قبولُ ثمنِه فرضًا، بشرط أن يكونَ له قدرة على الوفاءِ؛ لأن المِنة في ذلك يسيرة في العادةِ، فلا يضر احتمالهُما. وإن استغنَى صاحبُ الماءِ عنه ولم يبذله ليتوضَّأ به، لم يكن له أخذُه قهرًا؛ لأن له بَدَلًا. دنوشري مع زيادة.
(أو خافَ باستعماله ضررَ بدنِه) يعني أن الإنسانَ إذا خاف الضررَ من استعمال الماءِ في بدنه، إمّا بسبب عطشِ نفسِه، أو بسبب جُرحٍ في بدنه، أو بسبب مرض يخشَى باستعمال الماءِ زيادته في بدنه، أو يخافُ باستعمال الماءِ في بدنه تطاولَ المرضِ، بأن يتأخرَ حصولُ شفائه فورًا بسبب استعمال الماءِ؛ لعموم قولِه تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [المائدة: ٦] ولأنه يجوز له التيممُ إذا خاف فواتَ شيء من مالِه، أو ضررًا في نفسِه، من لصٍ، أو سَبُع، أو لم يجد الماءَ إلَّا بزيادة كثيرة على ثمن مثلِه، فَلَأنْ يجوزُ هاهنا أولى. فإنْ لم يخف، لَزِمه استعمالُ الماءِ كالصحيح (أو خافَ باستعماله ضررَ رفيقِه المحترمِ بعطشه) أو رفيقٍ مزاملٍ له، أو من أهل الركب لأنَّه يُخِلُّ بالمرافقة، دَفعُه إلى عطشانَ يخشى تلفه واجب، صرّح به في "المغني"(١) وغيرِه. (فتقديمُها على الطهارة بالماء أَولى) تفريع على الدليل، يعني: حيث