للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والجريحُ يغْسِلُ الصحيحَ، ويتيمَّمُ لِمَا يضره الماءُ

البخاريّ (١). ولا يصحُّ أن يتيمَّمَ قبلَ استعمال الماء؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦] فاعتبر استعماله أوَّلًا؛ ليتحقق عدم الماء وليتميَّز ما تيمَّم له.

ويقدِّم محدِث على بدنه نجاسة غَسْلَها، ثم يتيمَّم، إلا أن تكونَ في محل يمكن تطهيرُه من الحَدَث، فيستعملُه فيه (٢) عنهما، وتُقدَّم على نجاسةِ بدنٍ نجاسةُ ثوبٍ أو بقعةٍ.

(والجريحُ) في بعض بدنِه (يغسلُ الصحيحَ) من بدنه (ويتمَّمُ لما يضرُّه الماء) من

الحدثِ، غسلها بنية الحدثَين جميعًا، وتيمَّم للباقي، فيحصلُ له كمالُ الطهارةِ الصغرى وبعض الكبرى، كما فعل عمرُ . ذكره في "المبدع".

"تتمة": لو كان على بدنِه نجاسةٌ وهو محدِثٌ، والماءُ يكفي أحدَهما فقط، غسل النجاسةَ وتيمم للحدث، نصًّا. قاله الأصحابُ. قلت: إلا أن تكونَ النجاسةُ بمحلٍّ يكفي فيه الاستجمارُ؛ لقيام الأحجارِ مَقامَ الماء فيجمعُ بين الطهارتين. فإن قلتَ: الحدثُ يجزئُ عنه التيممُ، وكذلك النجاسةُ النبي على البدنِ، فما وجهُ تقديمِ غَسلِ النجاسة، وأمر بالتباعدِ عنها، والنجاسة جِرمٌ، أو صفة، والحدثُ معنى، والجرمُ أغلظُ من المعنى، فكان مقدَّمًا عليه في التَّطهير. دنوشري مع زيادة.

(إلا أن تكونَ … إلخ) اسمُ "تكون" مستترٌ، تقديرُه: إلا أن تكونَ النجاسةُ في أعضاء الوضوءِ، فإنه يستعمل الماءَ عن الحدثِ وغسلِ النجَس. وقوله: "ويقدِّم" أي: المحدِثُ يقدِّم غَسلَ نجاسةِ الثوبِ والبقعةِ على غَسل النجاسةِ التي على البدن؛ لأن النجاسةَ التي على الثوب والبقعةِ لا يجوزُ التيممُ عنها، بخلاف التي على البدنِ.


(١) في "صحيحه" (٧٢٨٨)، وهو -أيضًا- عند مسلم (١٣٣٧)، وأحمد (٧٥٠١) عن أبي هريرة .
(٢) في (م): "فيها".