وعلم من قوله:"في حدث أصغر" أنَّه لا ترتيبَ ولا موالاةَ في حدث أَكْبَرُ، بل إن شاء غَسَل الصحيحَ، ثم تيمَّم لما بقي، وإن شاء عكس. ولا تبطل طهارتُه بالماء إذن بخروج الوقت، بل يبطل التيمُّمُ فقط؛ لعدم اعتبار الموالاة في الغُسل، بخلاف الوضوء.
(ويجب) بدخولِ وقتِ كلِّ صلاة (طلبُ ماءٍ) على من عَدِمه وظن وجودَه، أو شك ولم يتحقق عدمه؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: ٤٣، المائدة: ٦]،
بخروج الوقتِ، ولا يعيد غَسلَ الصحيحِ؛ لعدم فواتِ الموالاةِ المفروضةِ في الوضوء، ثم يعيدُ التيممَ فقط بعد دخولِ الوقتِ. وهذا بخلاف ما تقدّم في المسح على الخفين من أنّه إذا ظهر بعض القدمِ إلى ساق الخف ونحوِه، يستأنف الطهارةَ ولو لم تفتِ الموالاة. والفرق بينهما: أن ثبوتَه مشروطٌ فيه، وإذا انتفَى الشرط انتفى المشروط، والمسحُ على الخفين يرفع الحدثَ، والحدثُ لا يتبعَّض، فإذا خلعه، عادَ الحدث. وأمّا التيمم، فإنه خاص بالجُرح الذي يتيمم عنه، ولا تعلقَ له بغيره، ولا دخلَ له في رفع الحدثِ؛ لأنَّه مبيح لا رافع، فإذا بطلَ بخروج الوقتِ وقبل فواتِ الموالاةِ، أُعيد فقط. وهذا مبنيٌّ على صحة تفريق النيةِ على أعضاءِ الطَّهارة. وهو الصحيح المشهور. وعلم مما تقدّم أن التيمُّم عن جرحٍ لو كان في غُسل جنابةٍ، لم تبطل طهارته بالما، بفوات الموالاةِ، ولا بخروج الوقتِ؛ لعدم اشتراطِها فيه.
(ولا تبطلُ طهارتُه بالماءِ إذن) أي: حينَ إذا تيمَّم من الحدثِ الأكبرِ الجريحُ.
(ويجبُ بدخول وقتِ كل صلاة طلبُ ماءٍ) الباءُ سببيةٌ؛ لأنه لا أثرَ لطلبه قبلَ ذلك، ولا يعتد بطلبه قبلَ دخولِ وقتِ الصّلاة، بل يُشترط في وجوب الطلبِ دخولُ الوقتِ؛ لأنه سببٌ للصلاة يختص بها، فلزمه الاجتهادُ في طلبه عند الإعوازِ، وكالقِبلةِ، وكالشَّفيع إنما يطلب بالشفعة بعد البيعِ. ويلزمه طلبه لوقتِ كل صلاةٍ، ولا يشترط أنْ يتيممَ عقبَه، بل يجوز بعدَه من غيرِ تجديدِ طلبٍ.