للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتيمَّمَ، أعاد.

ويتيمَّمُ لكلِّ حدَثٍ،

(وتيمم، أعاد) لتقصيره، كمصلٍّ عريانًا، ناسيًا أو جاهلا للسترة (١)، وذلك كأنْ يجد الماء بعد التيمُّم في رَحلِه وهو في يده، أو في بئرٍ بقُربه، أعلامُها ظاهرةٌ، يتمكنُ مِن تناوله منها، فلا يصح تيمُّمُه، ولا صلاتُه إذن. فأمَّا إن ضلَّ عن رَحلِه، وبه الماء، وقد طلبه، أو كانتْ أعلامُ البِئرِ خفيَّةً، ولم يكن يعرفُها، أو يعرفُها وضلَّ عنها، أو رأى دونَ الماء سوادًا بليلٍ ظنه عدوًّا، فتبيَّن عدمُه بعد أن تيمَّم وصلَّى، فإنه لا إعادةَ عليه في ذلك.

(ويتيمم لكل حَدَثٍ) أكبرَ أو أصغرَ؛ لقوله تعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣، والمائدة: ٦]، والملامسة: الجماع. ولقوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: ٤٣، والمائدة: ٦].

فإنه لا يجزئه له على المذهبِ المنصوصِ، ويعيدُ في جميعِ هذه الصورِ؛ لأنه تيمَّم مع قدرته على الماءِ، ولأن النِّسيانَ لا يُخرجه عن كونِه واجدًا، وشرطُ إِباحةِ التيممِ عدمُ الوِجدانِ الحِسِّيِّ أو الشرعيِّ، ولأنها طهارة تجب مع الذِّكر، فلم تسقظ بالنِّسيان، كما لو نسي الحدثَ وصلى محدِثًا، ثم تذكَّر، كمصلٍّ عريانًا ومكفّرٍ، يصومُ ناسيا للسترة والرَّقَبةِ، فإنه لا تصحُّ صلاتُه، ولا يجزئه الصومُ، ولا يعتدُّ بما فعله. "المنتهى" مع "شرحه" (٢).

(فأما إن ضل عن رَحله … إلخ) هذا مفهومُ قوله: "كأنْ يجد الماءَ في رَحله" وقوله: "أعلامُها ظاهرة".

(ويتيمَّم) بالبناءِ للمفعول، أي: يُشرع التيممُ لكل حدثٍ، أي: لجميع الأحداثِ. أمَّا للحدث الأصغرِ، فبالإِجماع، وسندُه قولُه تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ وأما للأكبر، ففي قول أكثر العلماء منهم الأئمةُ الأربعةُ، لقوله تعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾


(١) بعدها في (ح): "فلا تصحُّ صلاته".
(٢) ١/ ١٨٨ - ١٨٩.