للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا يصح تيمُّمٌ إلا بتُرابٍ طَهورٍ، مباحٍ،

(ولا يصح تيمُّم إلا بترابٍ طَهور) لقوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٦] وما لا غبارَ عليه، لا يمسحُ بشيءٍ منه.

وقال ابن عباس: الصعيدُ: ترابُ الحَرْثِ. والطيِّبُ: الطاهر (١). يؤكده قولُه : "وجُعل لي الترابُ طهورا" رواه الشافعي وأحمدُ من حديث عليٍّ، وهو حديث حسن (٢). فلا يصح التيممُ برملٍ، ونُورة (٣)، وجصٍّ، ونحتِ حجارةٍ ونحوِه. ولا بترابٍ زالت طهوريَّتُه، كالمتناثر من المتيمم؛ لأنه كالماء المستعمل في طهارة واجبة.

وإن تيمم جماعة من موضعٍ واحدٍ، صحَّ، كما لو توضؤوا من حوضٍ يغترفون منه.

(مباحٍ) فلا يصحُّ بمغصوبٍ، كالوضوء به. قال في "الفروع": (٤)

(لقوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا﴾ .. إلخ) سند لكون من شروطِ صحةِ التيمم الترابُ؛ لأنه كالماءِ المستعمَل. أي: لأنه مثلُ الماءِ المستعمل؛ لأن وجهَ ذلك أنَّه ترابٌ مستعملٌ في طهارة إباحةِ الصلاة، أشبهَ الماءَ المستعملَ في الطهارة.

(وما لا غبارَ عليه … إلخ) أخذه من قوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا﴾ فهو مشعِر بالتراب الذي له غبار. (وقال ابنُ عباسٍ … إلخ) هذا تفسيرٌ للآية. (الطيِّب: الطاهرُ) يعني: الطَّهور. ح ف. (يؤكده) أي: يؤكِّد قولَ ابنِ عباسٍ: "وجُعل لي الترابُ طَهورا" فخصّ ترابَها بحكم الطهارةِ، وذلك يقتضي نفيَ الحكمِ عما عداه. "كشَّاف القناع" (٥). هذا (فلا يصحُّ التيمم برمل .. إلخ) محترزُ المتنِ، على اللفِّ والنشرِ المرتَّب.

(كالوضوء به) أي: لا يجوز التيممُ بتراب مغصوبٍ، كما لا يجوز الوضوءُ بالماء المغصوبِ. وقال بعضُهم: يُكره إخراجُ جِص المسجدِ وترابِه، للتبرُّك وغيره، والتبركُ لا


(١) أخرجه عبد الرزاق (٨١٤)، وابن أبي شيبة ١/ ١٦١، والبيهقي ١/ ٢١٤ بلفظ: أطيبُ الصعيد أرضُ الحرث. وبلفظ: الصعيد الحرث، حرث الأرض.
(٢) "مسند" أحمد (٧٦٣)، وأخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٤٣٤، والبيهقي ١/ ٢١٣ - ٢١٤. ولم نقف عليه عند الشافعي.
(٣) النورة: حجر الكلس. "المعجم الوسيط" (نور).
(٤) ١/ ٢٩٦.
(٥) ١/ ١٧١.