للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له غبارٌ، لمْ يغيّره طاهرٌ غيرُه،

وظاهرُه ولو بترابِ مسجد، ولعله غيرُ مراد؛ فإنَّه لا يُكْرَه بترابِ زمزم مع أنَّه مسجد. ولابُدَّ أن يكون غيرَ محترق، فلا يصح بما دُقَّ من نحو خَزَفٍ؛ لأنَّ الطّبْخَ أخرجه عن أن يقعَ عليه اسمُ التراب.

(له غبارٌ) يعلَق باليد أو غيرِها، لا بسَبْخَة (١) ونحوِها، مما ليس له غبار، ولا بطينٍ رطبٍ، لكن إن أمكن تجفيفُه والتيمُّمُ به قبلَ خروج الوقت، جاز، لا بعده.

(لم يغيره) أي: الترابَ الطهورَ (طاهر غيرُه) كجص، ونُورة، ودقيق بُرٍّ، ونحوِه، مما له غُبار، فإن خالطه شيء مما ذُكر، وكانت الغلبةُ لغير التراب، لم يصح التيممُ

يمنع صحَّةَ التيممِ. وقال بعضُهم: لو تيمَّم بتراب غيرِه، جازَ في ظاهر كلامِهم؛ للإذن فيه عادة وعرفًا، كالصلاة في أرضه، كما ذَكَره في "المبدع".

(وظاهرُه) أي: ظاهرُ كلامِ الأصحاب. منه. (ولعلَّه غيرُ مرادٍ) وهو كذلك. قال في "الإقناع" (٢): ولا يُكره التيمُّم بترابِ زمزمَ مَع أنه مسجدٌ. (فلا يصح بما دُق من نحوِ خزف) هذا مثال للمَنفيِّ، وهو الاحتراقُ، فلا يجوز التيممُ بالمحترِقِ، كالذي يُدق من خزف ونحوِه؛ لأن الاحتراقَ أخرجه عن أنْ يقعَ عليه اسمُ الترابِ. (له غبار يعلَقُ باليد … إلخ) فيجوزُ التيممُ بكل ترابٍ على أي لونٍ كان، بشرطِ أن يكونَ له غبار يعلقُ باليد، ومن ثَم لو ضربَ بيده على تراب، أو لِبد، أو شجرةٍ، أو شعرٍ له غبارٌ يَعلَق باليد، أو بِساطٍ .. إلخ، من كل مالَه غبارٌ طَهورٌ يعلقُ باليد، فإنه يصح التيممُ به. وكذا لو سحقَ الطينَ وتيمم به، ولو كان مأكولا، كالطّين الأرمنيّ، إلا أن يكونَ بعد الطبخِ، فلا يُجزئه، على المشهور؛ لأنَّ الطبخَ أخرجه من أنْ يقعَ عليه اسمُ الترابِ. وفُهم من قولِه أنَّه لا يصحُّ من (مَقْبرة تكرر نبشُها) لأنه نجس، وإلا، جاز؛ لأن الأصلَ طهارتُه، والأصلُ لا يزولُ بالشك. وكذلك السبخةُ ونحوها مما ليس له غبار يعلقُ باليد، فإنَّه لا يصح التيممُ به. دنوشري. (طاهرٌ غيرُه) بالتخفيف، أي: غيرُ التُّراب، كجِصٍّ، بكسر الجيمِ وفتحِها، معروف -ويسمَّى في زمننا: الجبص- قال أبو


(١) السبخة: أرض ذات نزّ وملح. "القاموس" (سبخ).
(٢) ١/ ٨٣.