للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لم يأكلِ الطَّعامَ إلى النبيِّ ، فأجلَسَه (١) في حِجْره، فَبَالَ على ثوبِه، فدعا بماءٍ فَنَضَحه ولم يَغْسِله. متفقٌ عليه (٢). وقولها: لم يأكل الطعام، أي: بشهوةٍ واختيارٍ وطلبٍ؛ لا عَدَم أكْلِه بالكلِّيَّةِ؛ لأنَّه يُسقى الأدويةَ، والسُّكَّرَ، ويحنَّكُ حين الولادة. وقيْؤُه كبولِهِ، بل هو أخفُّ.

وعُلم منْه أنَّه لو أكل الطعامَ لشهوةٍ غُسِل سبعًا، وأنَّه يُغْسَل من الغائط مطلقًا، وأنَّه يغسل بولُ أُنثَى وخُنْثَى؛ لقوله : "إنَّما يُغْسَل من بولِ الأُنثى، وينضحُ من بولِ الذَّكَر" رواه أبو داود (٣).

والحكمةُ فيه: أنَّ بولَ الغلام يخرجُ بقوَّةٍ فينشر، وأنّه يَكثرُ حملُه على الأيدي، فتعظُمُ المشقَّةُ بغَسْلِه، أو أنَّ مِزَاجَه حارٌّ، فبولُه رقيقٌ، بخلاف الجارية.

(ويُحنَّكُ حينَ الولادة) التحنيكُ: مضغُ التمرِ ثم دلكُه في فمِ الصبيِّ.

(وعُلِمَ منه أنَّه لو أكلَ الطعامَ لشهوةٍ … إلخ) هذا شروعٌ في مُختَرَزاتِ المسألة.

(سبعًا … مطلقًا) أي: سواءٌ كان يأكلُ الطعامَ لشهوةٍ، أو لا.

(وأنَّه يُغسَل بولُ أنثى وخنثى … إلخ) عطفٌ على قوله: "أنه لو أكلَ الطعامَ … إلخ".

(والحكمة … إلخ) جوابٌ عما يُقال: لماذا حكمتمْ على بولِ الغلامِ الذي لم يأكلْ طعامًا لشهوةٍ بغمرِه بالماء، دونَ الجاريةِ، مع أنَّ الخِلْقَةَ واحدةٌ؟ وهذا الجوابُ من باب: الريحانُ يشمُّ ولا يُذاق.


(١) في (ح) و (ز) والأصل: "فأجلسته".
(٢) البخاري (٢٢٣)، و مسلم (٢٨٧).
(٣) في "سننه" (٣٧٥) من حديث لُبابة بنت الحارث، وهو عند ابن ماجه (٥٢٢)، وأخرجه أيضًا أحمد (٢٦٨٧٥) مطولًا. وفي الباب عن علي بن أبي طالب، وهو عند أحمد (٥٦٣)، وأبي داود (٣٧٨)، والترمذي (٦١٠) وقال: حسن صحيح. وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" ١/ ٢٨: إسناده صحيح … وقد روي هذا الفعل من حديث جماعة من الصحابة، وأحسنها إسنادًا حديث علي.