للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنْ خفي موضعُ نجاسةٍ، غُسِل حتى يتيقَّنَ زوالَها.

وقال الشَّافعيُّ : لم يتبيَّن لي فرقٌ من السُّنَّة بينَهما (١).

وذكر بعضهم أنَّ الغلامَ أصلُه من الماء والتراب، والجاريةَ من اللَّحم والدَّم، وقد أفادَه ابنُ ماجه في "سُننه" (٢). وهو غريب.

(وإنْ خفي موضعُ نجاسةٍ) في بدنٍ، أو ثوبٍ، أو مصلًّى صغيرٍ (غُسِل) وجوبًا ما احتُمِل أنَّ النجاسةَ أصابتْهُ (حتى يتيقَّنَ زوالَها) أَي: النجاسةِ؛ فلا يكفي الظَّنُّ ليخرجَ

(وإن خفيَ موضعُ نجاسةٍ في بدنٍ أو ثوبٍ) أو بقعةٍ يمكنُ غَسْلُها، وأرادَ الصلاةَ في ذلك، غُسِلَ كلُّ محلٍّ احتُمِلَ أنَّ النجاسةَ أصابتْهُ، من البدن أو الثوب.

(حتى يتيقَّنَ زوالَها) "حتى" غائيَّةٌ، أي: فيستمرُّ الغَسْل حتَّى يتيقَّن زوالَها؛ لأنَّ النجاسةَ مُتَيَقَّنَةٌ، فلا تَزولُ إلا بيقينِ الطهارةِ؛ لأنَّه اشتبهَ الطاهرُ بالنجسِ، فوجبَ عليه اجتنابُ الجميعِ حتى يتيقَّن الطهارةَ بالغَسْلِ، كما لو خفي المذكَّى بالميت، فإنْ كانت في إحدى الكمَّين ونسيه، غَسَلَهُما، وإنْ رآها في بدنه، أو ثوبِه الذي عليه، ونسيَ موضِعَها، غسلَ كلَّ ما يدركُهُ بصرُهُ منهما. وإنْ لم يعلم جهتَهَا من البدنِ أو الثوبِ، بأنْ لم يدرِ أهيَ فيما يدركُه بصرُه منهما، أو لا، غسلَهُمَا جميعًا. فلو صلَّى مع وجودِ النجاسةِ الخفيَّةِ في بدنِه، أو الثوبِ الذي خَفِيَت فيهِ، بدونِ الغَسْل المذكورِ، لم تصحَّ صلاتُه، ولأنَّه تيقَّن المانع من الصَّلاةِ، فلم يبح له إلَّا بيقينِ زوالِه، كمن تيقَّنَ الحدثَ، وشكَّ في الطهارةِ. دنوشري. (فلا يكفي الظنُّ) قال ابنُ قندس (٣): يُؤْخَذُ من ذلك أنَّ غَسْلَ النجاسةِ يعتبرُ له اليقينُ، ولا يكفي غلبةُ الظَنِّ في إزالتِها، بل لابدَّ من العلمِ أنَّه أزالَها الغَسلُ. ويُقَوِّي ذلكَ عبارةُ "المقنع" (٤) وغيره،


(١) ونقله عنه البيهقيُّ في "السنن الكبرى" ٢/ ٤١٦.
(٢) ١/ ١٧٥، عقب الحديث (٥٢٥)، عن الإمام الشافعي ، والكلام من زيادات أبي الحسن القطان على "سنن" ابن ماجه.
(٣) في "حاشية" على "الفروع" ١/ ٣٣٠ - ٣٣١.
(٤) ٢/ ٣٠٨.