للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُعفى عن يسيرِ دمٍ،

من العُهْدة بيقينٍ. فإنْ جَهِل جهتَها من نحوِ ثوبٍ، غَسَلَه كلَّه، وإنْ عَلِمها في إحدى يَدَيْه أو كُمَّيه ونسيَه، غسلَهُما. ويصلِّي في صحراءَ ونحوِها، كحَوشٍ (١) واسعٍ خفيَت فيه النجاسة، بلا تحرٍّ، وتقدَّم.

(ويُعْفى) في غير مائعٍ ومطعومٍ، بل في صلاةٍ وطوافٍ (عن يسيرِ دمٍ

بقوله: غَسْلُ ما يَتيَقَّنُ به إزالَتَها. فأَتى بلفظِ الإزالةِ، وتبعَه فيهِ المصنِّفُ، وهو دالٌّ على ذلكَ أقوى من لفظِ الغَسْل.

ويمكنُ أنْ يُقَال: مرادُهم هنا، أنَّه يُعتَبَرُ اليقينُ في إِتيانِ الغَسْلِ على موضعِ النجاسةِ التي قد خَفيت؛ لأنَّه لو غَسَلَ مكانًا من المشكوكِ فيه دونَ غيرِه، لم يتحقَّق أنَّ الغَسْلَ أتى على موضعِ النجاسة، فيَحتملُ أنْ يحصلَ غسلُهما بالكليَّةِ، وأمَّا إِنْ تَحقَّقَ أنَّ الغَسْلَ أتى على موضعِ النجاسةِ، فيَحتملُ أن يُقَال: يكفي غلبةُ الظنِّ في الإزالةِ، كما قيل في رفعِ الحدث، والإنقاءِ في الاستنجاء، على الخلافِ المذكور فيهما، فإن عَرفَ موضعَ النجاسةِ، وشكَّ هل أصابتْ غيرَه، لم يجب أنْ يَغسِلَ إلَّا ما تَيقَّن، جزم به في "شرح العمدة". حفيد.

(كحَوشٍ واسعٍ) مثال للنحو، فإنَّه لا يجبُ غسلُ جميعه؛ لما في ذلك من المشقَّةِ والحرج.

(بلا تحرٍّ) دفعًا للحرج والمشقَّةِ، فإنْ كان صغيرًا، كالبيتِ والحوشِ الصغير، وخفيتْ فيه النجاسةُ، وأراد الصلاةَ فيه، لزمهُ غسلُهُ كلِّه، كالثوب. مصنِّف (٢). (ويُعفى في غيرِ مائعٍ … إلخ) أي: يُعفَى عنه في الصلاة إذا كان في الثوبِ والبدن ونحوهما؛ لما رُويَ عن عائشةَ قالت: قد يكون لإحدانا الدرع، فيه تحيض، وفيه تُصيبها الجنابةُ، ثمَّ ترى فيه قطرةً


(١) الحَوْش: شبه الحظيرة. "القاموس" (حوش).
(٢) "شرح منتهى الإرادات" ١/ ٢١١.