للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيحٍ، وصديدٍ بثوبٍ، أو بدنٍ من حيوانٍ طاهرٍ.

وقيحٍ) وهو الأبيضُ الخاثرُ، الذي لا يخالطُه دمٌ (١). (وصديدٍ) وهو الدَّمُ المختلطُ بالقيح (٢). فيُعفى عن يسيرِ (٣) ذلك (بـ) ـنحو (ثوبٍ (٤) أو بدنٍ) إذا كانَ (من حيوانٍ طَاهرٍ)

من دمٍ فتَقْصعه بِريقِها. وفي رواية: بلَّتهُ بريقِها، ثمَّ قصعتهُ بظفرها. رواه أبو داود (٥). وهذا يدلُّ على العفوِ عنه؛ لأن الريقَ لا يُظهِّرُه، ويَنْجُسُ به ظُفرُها [وهو إخبارٌ عن دوام فعلٍ] (٦)، ومثلُ هذا لا يخفى على النبيِّ ، ولا يَصْدُرُ إلَّا عن أمْرِه، ولأنَّه إجماعُ الصحابةِ على الصلاة معه، وكذلك التابعين، ومن عاصرَهم، ولأنَّ الإنسانَ غالبًا لا يمكنهُ صونُ بدنِه وثيابِه عن نجاسةِ القروحِ والجروحِ والدماميلِ، رخِّصَ في تركِ غسلِها؛ دفعًا للحرجِ والمشقَّةِ، إلَّا إذا فحشت (٧)، وفُحشُها لا يَشقُّ التحرُّز منه، فلم يُعْفَ عنه، وإنَّما لم يعفَ عنه في المائع؛ لأنَّه يُنَجِّسُه، ولا في المطعومِ؛ لتعدِّي نجاستِه إلى أكله.

واحْتُرِزَ بالدم ونحوه، عن البولِ والغائطِ ونحوهما، فإنَّه لا يُعفَى عن يسيرِ شيءٍ من ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: ٤]، وقولِه : "تنزَّهُوا من البول، فإنَّ عامَّة عذابِ القبر منه" (٨)، ولأنها نجاسةُ لا يشقُّ إزالتُها، فوجبَت، كالكثير. انتهى. حفيد.

(وقيح وصديدٍ) معطوفٌ على قوله: "دم"، لأنَّهما كالدم، وأَولى، وكذا ماءُ القروحِ؛


(١) "المصباح المنبر" (قيح).
(٢) "المصباح المنير" (صدد).
(٣) في (م): "يسيره".
(٤) في (س) و"عمدة الطالب": "بثوب"، بدل: "بنحو ثوب".
(٥) في "سننه" (٣٦٤)، وهو بنحوه في "صحيح" البخاري (٣٠٨) و (٣١٢).
(٦) ما بين حاصرتين زيادة من "الشرح الكبير" ٢/ ٣١٨.
(٧) في الأصل: "فحشتا".
(٨) سيأتي تخريجه ٢/ ٧٨.