للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال ابن الأعرابي: صَليتُ العصا تصليةً، أدَرْتها (١) على النَّار لتقومها.

وقيل: لأنَّها ثانية لشهادةِ التَّوحيد، كالمُصَلي السابقِ من خيل.

والأصلُ في وجوبها الكتابُ والسنة والإجماعُ:

أما الكتابُ، فقولُه تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البينة: ٥].

والسنة قولُ النبي : "بُنِي الإسلامُ على خمسٍ، شهادة أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسولُ الله، وإقام الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وصومِ رمضان، وحجَّ البيتِ من استطاع إليه سبيلًا". متَّفق عليه من حديث ابن عمر (٢). والأخبارُ في ذلك كثيرة.

وأمَّا الإجماعُ، فقد أجمعَ المسلمونَ على وجوبِ خمسِ صلوات في اليومِ والليلةِ.

"فائدة": وحكمةُ اختصاصِ الخمسِ بهذه الأوقات، كما قالَه أكثر العلماء، وأبدوا له حِكمًا، من أحسنِها (٣): تذكُرُ الإنسانِ بها نشأتَه، إذْ ولادتُه كطلوعِ الشَّمسِ، ومنشؤُه كارتفاعِها، وشبابُه كوقوفِها عند الاستواء، وكهولتُه كميلِها، وشيوخَتُه كقربِها للغروب، وموتُه كغروبِها، ويزادُ عليه: وفناءُ جسمِه كانمحاقِ أثرها، وهو الشفقُ الأحمرُ، فوجبتِ العشاءُ حيئنذ تذكيرًا لذلك.

كما أن كمالَه في البطنِ، وتهيئتَه للخروجِ، كطلوعِ الفجرِ الذي هو مقدَّمةٌ لطلوعِ الشَّمسِ، المشبهِ بالولادةِ، فوجبَ الصبحُ حينئذ لذلك أيضًا، وكان حكمةُ [كون] الصبحِ ركعتين بقاءَ كسلِ النوم، والعصرين أربعًا توفُرَ النشاطِ عندهما بمعاناةِ الأسبابِ، والمغربِ


(١) في الأصل: "أوردتها"، والتصويب من "تهذيب اللغة" ١٢/ ٢٣٨.
(٢) "صحيح" البخاري (٨)، و "صحيح" مسلم (١٦)، وهو عند أحمد (٦٠١٥).
(٣) كذا في الأصل، والعبارة في "نهاية المحتاج" للرملي ١/ ٣٦١ كالتالي: وحكمةُ اختصاص الخمس بهذه الأوقات تعبد، كما قاله أكثر العلماء، وأبدى غيرهم له حكمًا من أحسنها … إلخ.