للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن صلَّى أو أذَّن، فمسلم حكمًا،

(وإنْ صَلَّى) الكافرُ على اختلاف أنواعه في دار إسلامٍ أو حرب جَمَاعة، أو مُنْفَرِدًا بمسجدٍ أو غيره، فمسلِمٌ حُكْمًا. (أو أَذَّنَ) الكافرُ ولو في غير وقته (فمسلِمٌ حُكْمًا) أي: ظاهرًا، فلو مَاتَ عَقِب ذلك، فَتَرِكَتُه لأقاربه المسلمين، ويُغَسَّل، ويصلَّى عليه، ويُدْفَن بمقابرنا. وإنْ أرادَ البقاءَ على الكفر، وقال: إنَّما أردتُ التَّهزِّي. لم يُقْبل.

(على اختلافِ أنواعه) أصليًّا كانَ أو مرتدًّا، في أيِّ حال أو محلٍّ، بدارِ الإسلامِ أو دارِ الكفرِ، في جماعة أو فرادى، بمسجدٍ أو خارجَهُ.

(فمسلمٌ حكمًا) أي: حُكِمَ بإسلامِه في الظاهر قهرًا عليه بصلاتِه أو أذانِه، بمعنى أنَّه لو ماتَ بعدَ الصلاةِ، أو الأذان، قُضِي بتركتِه لأقاربِه المسلمين.

وإذا قال من صلَّى أو أذَّنَ -ولو في غير وقتِه-: هو كافرٌ، وإنَّما صلَّى مستهزئًا، أو متلاعبًا، وأرادَ البقاءَ على الكفرِ، فهو مرتدّ، فلو ادَّعَى أَنَّه كانَ متلاعبًا أو مستهزِئًا، لم يُقبلَ منه. ذكره في "عيون المسائل" و "منتهى الغاية" وغيرهما، وكان كما لو نَطَقَ بالشهادتين طائعًا.

ولا يُحكَمُ بإسلامِه بالصلاة حتَّى يأتيَ بصلاة يتميَّزُ بها عن صلاة الكفار، من استقبالِ قبلَتِنا، والركوعِ، والسجودِ، فلا يحصلُ بمجرَّدِ القيامِ. أما كونُ الكافرِ يحكَمُ بإسلامِه [إذا] (١) صَلَّى؛ فلقولِه : "من صَلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، فلهُ مالنا، وعليه ما علينا" (٢). فالظاهرُ من قوله: "وصلَّى صلاتنا" حتَّى يصلِّي ركعة؛ لما يأتي فيمن حَلَفَ لا يُصلِّي صلاة، أنَّه لا يحنث حتَّى يصليَ ركعة، ولأنَّ الصلاةَ على هذه الهيئةِ عبادةٌ تختصُّ بشرعِنا، أشبهَتِ الأذانَ.


(١) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.
(٢) أخرجه البخاري (٣٩٣) بنحوه من حديث أنس بن مالك .