للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلا لناوي الجَمْع أو بمشتغلٍ بشرطٍ لها يحصِّله قريبًا.

ومحلُّه إذا كان ذاكرًا قادرًا على فعلِها؛ بخلافِ ناسٍ ونحوٍ نائمٍ.

(إلَّا لِنَاوي الجَمعِ) لعذرٍ يُبيحُه، كما سيأتي؛ فيباحُ له التَّأخيرُ؛ لأنَّ وقتَ الثانية إذا نوى جَمْع الأُولى إليها، يَصيرُ وقتًا لهما.

(أو بمشتغلٍ) كذا بخطِّه بالباء. والأظهرُ اللام: أي: وإلَّا لمشتغلٍ (بشرطٍ لها) أي: الصلاةِ (يحصِّله) أي: الشرطَ (قريبًا) كانقطاعِ ثوبه الذي ليس عنده غيرُه، إذا لم

وقاص: إنَّما هو بإضاعةِ الوقتِ (١). وقولِه تعالى: ﴿أَضَاعُوا الصَّلَاةَ﴾ [مريم: ٥٩]. قال النخعيُّ: صلَّوا لغيرِ وقتِها (٢). اهـ. ح ف.

(ومحلُّهُ إذا كانَ ذاكرًا قادرًا على فعلِها) أي: محلُّ الحرمةِ على من وَجَبَتْ عليه تأخيرُها إلخ حال كونه ذاكرًا لها عندَ تأخيرِها، قادرًا على فعلِها في وقتِها المأمور بإيقاعِها فيه، وذلك لِما رَوى أبو قتادةَ، أن رسولَ الله قال: "ليسَ في النومِ تفريطٌ، إنَّما التفريطُ في اليقظةِ، أنْ تُؤَخَّر الصلاةُ إلى أنْ يدخُلَ وقتُ صلاةٍ أُخرى". رواه مسلم (٣). ولأنَّه بالتأخيرِ من غيرِ عُذْرٍ يكونُ تاركًا للواجب، مخالفًا للأمر، فهو حينئذٍ عاصٍ مستحقٌّ للعقابِ، ولأنَّه لو جازَ له التأخيرُ، لفاتتْ فائدةُ التأقيت.

واستثنى المصنِّف -رحمَه اللهُ تعالى- من ذلك صورتين، الأولى ذَكرهَا بقولِه: (إلَّا لناوي الجمع) بين الصلاتينِ في صورةِ جمعِ التأخير، وينوي في وقتِ الأُوْلَى جمعَ التأخير؛ لأنَّه كانَ يؤخِّرُ الصلاةَ الأولى في الجَمْعِ، ويصلِّيها في وقتِ الثانيةِ (٤).

والصورةُ الثانيةُ أشارَ إليها بقوله: (أو بمشتغلٍ بشرطٍ لها يحصِّلُه قريبًا) كما إذا عَدِم الماءَ للوضوء أو الغسل، أو عَدِمَ السُّترَةَ في أوَّلِ الوقتِ، بأن انقطعَ ثوبُه، وليسَ عندَه غيرُه


(١) أخرجه الطبري في "تفسيره" ٢٤/ ٦٥٩ - ٦٦٠ بروايات عدة.
(٢) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٢٧٧، وعزاه لسعيد بن منصور.
(٣) في "صحيحه" (٦٨١) في حديث طويل.
(٤) سيأتي في فصل الجمع بين الصلاتين ص ١٧٧ وما بعدها.