للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وملحونًا، ويكره، ويُجزِئ من مميِّز،

(وملحونًا) لحنًا لا يُحيل المعنى. (ويُكره) أي: الأذانُ ملحَّنًا، وملحونًا، وبطل إن أحيل المعنى.

(ويجزئ) أذانٌ (من مميِّز) لصحَّة صلاته، كالبالغ. وفي "الاختيارات" (١): أنَّ الأذانَ الذي يَسقط به فرضُ الكفاية لا بُدَّ أن يكونَ من بالغٍ حتَّى يرجع إلى خبره.

والمراد هنا: التغنِّي، بحيثُ يؤدِّي إلى تغيُّرِ كلماتِ الأذانِ وكيفيَّاتِها بالحركات، والسكنات، ونقصِ بعضِ حروفِها، أو زيادةِ فيها. قاله بعضهم.

(وملحونًا) أي: ويُكْرَهُ الأذانُ ملحونًا، بأن يكون فيه لحنٌ لا يحيلُ المعنى، كرفعِ تاءِ "الصلاة"، أو نصبها، أو حاءِ: "الفلاح". أمَّا لو أحالَ المعنى، فإنَّه لا يَصِحُّ، كما لو مدَّ همزةَ "الله"، أو باء "أكبر"، فإنَّ مدَّ الهمزةِ يُصَيِّرُها استفهاميَّة، ومدَّ باءِ "أكبر" يصيِّرُه جمعَ كَبَر، وهو الطبلُ الكبيرُ.

(ويجزِئُ … من مميِّزٍ) للبالغين، وهو الذي يَفْهَم الخطابَ، وَيردُّ الجوابَ. ولا ينضبطُ بسنِّ، والصوابُ ضبطُه بالسنِّ. وهذه المسألةُ على روايتين:

أولاهما: الصحَّةُ، نَصَرَهُ القاضي وغيرُه، وقدَّمَهُ في "المحرر"، وجَزَمَ به في "الوجيز" معَ الكراهة؛ لما رَوى ابنُ المنذرِ بإسنادِه عن عبدِ اللهِ بن أبي بكرِ بن أَنس، قال: كان عمومتي يأمرونَني أؤذِّنُ لهم، وأنا غلامٌ لم أحتلم، وأنسٌ شاهدٌ ذلك، ولم ينكره (٢). وهذا ممَّا يظهرُ ولا يخفى، فكانَ كالإجماع، ولأنَّه ذَكَرٌ تصحُّ صلاتُه، فصحَّ أذانُه، كالبالغ.

والثانية: لا يصح، قدَّمَها في "الفروع" (٣)، واختارَها جماعةٌ، وعلَّلُوه بأنَّه لا يُقْبَلُ خبَرُه، فلم يحصُلِ الإعلامُ بأذانِه، أو بأنَّه فرضُ كفايةٍ، وفعلُه نفلٌ، وهو أَولى.

وظاهرُه أنَّ المراهقَ يصحُّ أذانُه، وهو كذلك، نقلَهُ حنبل. دنوشري.


(١) ص ٥٧ - ٥٨.
(٢) "الأوسط" ٣/ ٤١ دون إسناد.
(٣) ٢/ ١٨.