للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويبطلهما فَصْلٌ كثير (١)، وكلام محرَّم.

ولا يُجزئُ قبل وقتٍ إلَّا لفجرٍ بعد نصفِ ليلٍ،

(ويُبطلهما) أي: الأذانَ والإقامةَ (فصلٌ كثيرٌ) بسكوت، أو كلامٍ، ولو مباحًا. (و) يُبطلهما (كلامٌ محرَّم) كقذفٍ ولو يسيرًا، وكُره يسيرٌ غيرُه.

(ولا يجزئ) أذانٌ (قبلَ وقت) صلاةٍ؛ لأنَّه شُرع للإعلام بدخوله. ويسنُّ في أَوَّله (إلَّا لفجرٍ) فيَصِحُّ (بعدَ نصفِ ليلٍ) لحديث: "إنَّ بلالًا يؤذِّن بليلٍ، فكُلُوا واشربُوا حتَّى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مكتوم" متَّفقٌ عليه (٢). ويُستحب لمن أذَّن قبلَ فجرٍ أن يكون معه من يؤذِّن في الوقت، وأن يتَّخِذَ (٣) ذلك عادة؛ لئِلَّا يَغُرَّ الناسَ.

ورفعُ الصوتِ بأذانٍ ركنٌ، ما لم يؤذِّن لحاضر، فبقدْر ما يسمعه.

(ولا يجزئُ أذانٌ قبلَ وقت) لأنَّ الأذانَ شُرعَ للإعلامِ بدخولِ الوقت، وهو حثٌّ على الصلاة المؤدَّاةِ في وقتها، فلم يَصِحَّ في وقتٍ لا تصح (٤) [فيه]، كالإقامة، إلَّا الأذانَ لقربِ وقتِ الفجر، فإنَّه يجوزُ قبلَ الوقتِ، كما نبَّه عليه المصنِّفُ -رحمه الله تعالى- بقوله: (إلَّا لفجرٍ بعد نصف ليل) نصَّ عليه. وفاقًا لمالكٍ والشَّافعيِّ، وإنَّما جازَ الأذانُ للفجرِ قبلَ دخولِ وقتِه؛ لأنَّه يدخلُ على الناس، وفيهمُ الجُنُبُ والنائمُ، فاسْتُحِبَّ تقديمُ أذانِه حتَّى يتهيَّؤُوا لها، فيدركوا فضيلةَ أَوَّلِ الوقتِ. وجواز الأذان للفجر قبلَ دخولِ وقته بغير كراهةٍ خاصٌّ بغيرِ فجرِ رمضان، حيثُ لم يؤذِّن له بعدَه. نبَّه عليهِ صاحبُ "المنتهى" (٥).

(ورفعُ صوتٍ بأذانٍ ركنٌ) ليحصلَ السماعُ (ما لم يوذِّن لحاضرٍ) أمَّا إذا أذَّنَ لحاضرٍ،


(١) في (م): "كبير"، والمثبت موافق لما في "الهداية".
(٢) "صحيح" البخاري (٦١٧)، وصحيح" مسلم (١٠٩٢) (٣٨)، وهو عند أحمد (٤٥٥١) عن ابن عمر .
(٣) في (م): "ويتخذ".
(٤) في الأصل: "لا يصح"، والتصويب وما بين حاصرتين من "المبدع" ١/ ٣٢٤، و"كشاف القناع" ١/ ٢٤٢.
(٥) ١/ ٤١. وينظر "معونة أولي النهى" ١/ ٥٣٥.