للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهمَّ ربَّ هذه الدعوةِ

(اللهُمَّ ربَّ هذه الدعوةِ) بفَتْحِ الدَّال المهملة (١)، أي: دعوة الأذان

المؤذِّنُ وسامعُه على النبيِّ ، وفي "الرعاية": يرفعُ بصرَه إلى السماء، ويدعو بما وردَ.

(اللهُمَّ ربَّ هذه الدعوةِ … إلخ) قال في "المبدع": لما روى عبدِ الله [بن عمرو] مرفوعًا: "إذا سمعتُم المؤذِّنَ، فقولُوا مثلَ ما يقول، ثُمَّ صلُّوا عليَّ، فإنَّه من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً، صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثُمَّ سلُوا اللهَ ليَ الوسيلةَ، فإنَّها منزلةٌ في الجنَّةَ لا تنبغي أنْ تكونَ إلَّا لعبدٍ من عبادِ الله، وأرجو أنْ أكونَ أنا هو، فمن سألَ اللهَ ليَ الوسيلةَ، حلَّت له (٢) الشفاعة" رواه مسلم (٣).

أصلُ اللهُمَّ: يا الله، والميمُ بدل من "يا"، قاله الخليلُ وسيبويه (٤)، ولا يجوزُ الجمع بينهما إلَّا في الضرورة؛ لأنَّهم لا يَجْمعونَ بين العِوَض والمعوَّض. وقال الفرَّاء (٥): أصلُه يا الله أُمَّنَا بخيرٍ. فحذف حرفَ النداء.

والحكمةُ في سؤالِ ذلك -معَ كونِه واجبَ الوقوع بوعد الله تعالى- إظهارُ كرامتِه، وعظمُ منزلتِه .

(أي: دعوةُ الأذانِ) سميتْ تامَّةً؛ لكمالِها، وعظمِ موقعِها، وسلامتِها من نقصِ يتطرَّقُ إليها. وقال الخطَّابيُّ: وصِفَتْ بالتَّمامِ؛ لأنَّها ذِكْرُ اللهِ، يُدعَى بها إلى طاعتِه، وهذه الأمور الأخرويَّةُ هي التي تستحقُّ صفةَ التمامِ والكمال، وما سواها من أمورِ الدنيا، فإنَّه معرَّضٌ للنقصِ والفساد. وكانُ الإمامُ أحمد يستدلُّ بهذا على: أنَّ القرآنَ غيرُ مخلوق. قال: لأنَّه ما من مخلوقٍ إلَّا وفيه نقصٌ. دنوشري.


(١) زيادة من (ح) و (ز).
(٢) في الأصل: "عليه" والمثبت من المصادر.
(٣) في "صحيحه" (٣٨٤)، وما بين حاصرتين منه، ومن "المبدع" ١/ ٣٣١.
(٤) "كتاب" سيبويه ٢/ ١٩٦.
(٥) في "معاني القرآن" ١/ ٢٠٣.