للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّامَّةِ والصلاةِ القائمةِ آتِ محمَّدًا الوسيلةَ والفضيلةَ،

(التَّامَّةِ) الكاملةِ، السالمة من نقصٍ يتطرَّق إليها (والصَّلاةِ القائمةِ) التي ستقوم، وتُفعل بصفاتِها (آتٍ) -بمدِّ الهمزة وكسرِ التاء- فعلُ دعاءٍ، مبنيٌّ على حذف الياء، ومعناه: أعطِ (محمدًا) (الوسيلةَ) أعلى منزلةٍ في الجنَّة، وهي منزلةُ رسولِ الله ودارُه، وهي أقربُ أمكنةِ الجنَّة إلى العرش (والفضيلةَ) هي الرُّتبةُ الزائدةُ على سائرِ الخلائق،

قال شارح "الدلائل" (١): الدَّعوة، بفتحِ الدال، والمرادُ به دعوةُ التوحيد، وهي: لا إله إلَّا الله، وهي دعوةُ الحقِّ في قوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤].

(التامَّة) وهذه روايةُ البخاريِّ (٢).

قال شارح "دلائل الخيرات": قولُه: "النافعة"، الذي في البخاري: "التامة"، ولم أرَ لفظَ: "النافعةِ"، إلَّا فيما نسبَه ابنُ الجوزي لأحمد، والطبرانيِّ، ففيه: "الدعوة [التامة، والصلاة] (٣) النافعة" (٤). ونفعُ هذه الدعوةِ في الدنيا والآخرة ظاهرٌ جليٌّ. ومعنى التامَّة: التي لم يدخلْها تبديلٌ ولا تغييرٌ، بل هيَ باقيةٌ إلى يومِ النشور.

وقال ابن التين (٥): وصفت بالتَّامَّةِ؛ لأنَّ فيها أتمَّ القولِ، وهو: لا إله إلَّا الله. [والصلاة القائمة] أي: (التي ستقومُ وتُفْعَلُ) ويتَعبُّدُ بفعلِها، واقتصرَ الشارحُ على: "وتفعل" إذ (٦) فعلُها لا يكونُ إلَّا على وجهِ العبادة.


(١) لعله الشيخ محمد المهدي بن أحمد بن علي بن يوسف الفاسي القصوي، المتوفى سنة ١٠٥٢ هـ، واسم كتابه "مطالع المسرات بجلاء دلائل الخيرات"، قال حاجي خليفة في "كشف الظنون" ١/ ٧٦٠: ولها -أي: لـ "دلائل الخيرات"- شروح أخرى، لكن المعتمد شرح الفاسي المذكور.
(٢) برقم (٦١٤) من حديث جابر .
(٣) ما بين حاصرتين من "مسند" أحمد.
(٤) "مسند" أحمد (١٤٦١٩)، و"المعجم الأوسط" للطبراني (١٩٤)، وليس في مطبوع الطبراني لفظ: "الصلاة النافعة".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، وفيه ابن لهيمة، وفيه ضعف.
(٥) هو الصفاقسي، أَبو محمد، عبد الواحد بن التين، الشَّيخ العلَّامة، له شرح على البخاري مشهور سماه: "المخبر الفصيح في شرح البخاري الصحيح"، له اعتناء زائد في الفقه، ممزوجًا بكثير من كلام "المدونة" وشرَّاحها، مع رشاقة العبارة ولطف الإشارة، اعتمده الحافظ ابن حجر في شرح البخاري. (توفي سنة ٦١١ هـ) بصفاقس، "شجرة النور الزكية" ١/ ١٦٨، و"كشف الظنون" ١/ ٥٤٦.
(٦) في الأصل: "إذا"، وما ورد بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق.