للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوقتُ الظهر:

المذكورُ في حديثِ جبريلَ، حين أمَّ النبيَّ في الصلوات الخمس، ثمَّ قال: "يا محمد، هذا وقتُ الأنبياءِ من قبلك" (١).

(فوقتُ الظهر)

سببٌ للوجوب (٢). فرتَّبَ عليه حكمُه عندَ وجودِه، وشَرطٌ للوجوب، بخلافِ غيرِه من الشروط؛ فإنَّها شرطٌ للأداءِ فقط. أفادُه الدنوشري.

("هذا وقتُ الأنبياء من قبلِك") فيه نظرٌ، فإن الخمسَ لم تجتمعْ لغيرِ نبيِّنَا محمدٍ ؟ ويجابُ: بأنَّ جميعَ هذه الأوقاتِ إنَّما هي للنبيِّ ، وأما كلُّ فردٍ منها على حِدَتِه، فلا يُنَافي أنه كان لغيره؛ لما وردَ: أن الصبحَ لآدمَ ، والظهرَ لداودَ ، والعصرَ لسليمان، والمغربَ ليعقوب، والعشاءَ ليونسَ.

(فوقت الظهر) هي لغة: الوقتُ بعدَ الزوال، وشرعًا: اسمٌ لصلاةِ هذا الوقتِ، فهي من تسميةِ الشيءِ باسمِ وقتِه، فقولنا: صلاةُ الظهر، أي: صلاةُ هذا الوقتِ، وكذا الباقي. واشتقاقُها من الظهور، قيل: لأنَّها أوَّلُ صلاةٍ ظهرَت حينَ صلَّاها جبريلُ بالنبيِّ . وقيل: لأنَّها ظاهرةٌ وسط النَّهار. وقيل: لأن وقتها أظهرُ الأوقاتِ، من الظهور، وهو الارتفاع؛ لأنَّها تُفْعَلُ بعد نهايةِ ارتفاعِ الشمس، وتسمَّى أيضًا الهجير؛ لفعلِهَا وقتَ الهاجرة، وبدأَ بها المؤلِّفُ تبعًا لـ "التنقيح"، والخرقي، ومعظمِ الأصحاب؛ لبداءةِ جبريلَ بها لمَّا صلَّى بالنبيِّ .

قال في "المبدع" (٣): وحكمَةُ البداءةِ بها إشارةٌ منه إلى أن هذا الدينَ ظهرَ أمرُه، وسطعَ نورُه من غيرِ خَفَاءٍ، وفي الختمِ بالفجرِ إشارةٌ إلى أن هذا الدينَ في آخرِ الزمانِ يضعُفُ. دنوشري مع زيادة.


(١) أخرجه أبو داود (٣٩٣)، والترمذى (١٤٩)، وهو عند أحمد (٣٠٨١) عن ابن عباس .
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي الباب عن جابر أخرجه الترمذي (١٥٠)، وهو عند أحمد (١٤٥٣٨)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(٢) "الإنصاف" ٢/ ١٢٤.
(٣) ١/ ٣٣٦.