للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الزَّوالِ إلى مساواةِ الشاخصِ

وهي الأولى (من الزَّوال) أي: ميلِ الشمس إلى المغرب، ويستمرُّ (إلى مساواةِ الشاخصِ) أي: المرتفع

(وهي الأُولَى) لأنَّها أوَّلُ الخمسِ افتراضًا، وبها بدأَ جبريلُ حين أمَّ بالنبيِّ عندَ البيتِ (١)، وبها بدأَ الصحابةُ حينَ سُئلوا عن الأوقات. قال القاضي عياض (٢): وهو اسمُها المعروف.

فإنْ (٣) قيل: إيجابُها كانَ ليلًا، وأوَّلُ صلاةٍ توجد [بعد] ذلك الفجرُ، فلم لا بدأَ بها جبريل؟

أجيب: بأنَّه يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ قد وقعَ تصريحٌ بأنَّ أوَّلَ وجوبِ الخمسِ من الظهر، ويَحتمِلُ أن الإتيانَ بها متوقِّفٌ على بيانِها؛ لأنَّ الصلواتِ فُرِضَتْ مجملةً، ولم تُبَيَّنْ إلَّا عند الظهر. ح ف.

(من الزوال) لحديثِ جابر: أن النبيِّ جاءَه جبريلُ، فقال: قُمْ فصلِّه. فصلَّى الظهرَ حينَ زالتِ الشمسُ، ثمَّ جاءَه من الغد فقال: قُمْ فصلِّه. فصلَّى الظهرَ، حينَ صارَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلَه، ثم قال: ما بين هذين وقتٌ. رواه الإمامُ أحمدُ، والترمذيُّ (٤)، وقال البخاريُّ: هو أصحُّ شيءٍ في المواقيت. ح ف. (أي: ميل الشمسِ الى المغربِ) تفسيرٌ لحقيقَةِ الزوال؛ لأنَّه ميلُ الشمسِ الى جهةِ المغربِ عن وسطِ السماء، المسمَّى بالاستواءِ ويعرَفُ ميلُه بما ذكرهُ المصنِّف؛ لأنَّه إذا طلعتِ الشمسُ، رُفِع لكلِّ شاخصٍ (٥) ظل في جانبِ المغربِ، ثمَّ


(١) أخرجه البخاري (٥٢١)، ومسلم (٦١٠): (١٦٧) من حديث أبي مسعود الأنصاري .
(٢) في "مشارق الأنوار" ١/ ٥١.
(٣) في الأصل: "إن"، والتصويب من "كشاف القناع" ١/ ٢٤٩، وما سيرد بين حاصرتين منه.
(٤) "مسند" أحمد (١٤٥٣٨)، و"سنن" الترمذي (١٥٠)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. اهـ. وكلام البخاريِّ الآتي منه.
(٥) في الأصل: "شخص".