للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظلَّه بعد ظلِّ الزوال.

(ظلَّه بعد ظلِّ الزوال) أي: بعد الظلِّ الذي زالتْ عليه الشمسُ، فإنَّ الشمسَ إذا طَلعتْ، رُفِع لكلِّ شاخصٍ ظلٌّ طويلٌ من جانب المغرب، ثمَّ ما دامتِ الشمسُ ترتفع، فالظلُّ ينقص، فإذا انتهتِ الشمسُ إلى وسطِ السماء -وهي حالةُ الاستواء- انتهى نقصانُه، فإذا زادَ الظلُّ أَدْنَى زيادة، دلَّ على الزوال.

قال ابنُ قُتيبة (١): الظلُّ يكون غَدْوةً وعشيَّةً، والفيءُ لا يكون إلا بعد الزَّوال؛ لأنَّه فاءَ،

ما دامتِ الشمسُ ترتفعُ، فالظلُّ ينقصُ، فإذا انتهتِ الشمسُ إلى وسطِ السماء، انتهى نقصانُه، فإذا زادَ الظلُّ أدنَى زيادةٍ فهو إذن ميلُها عن وسطِ السماءِ، وهو الزوال. مصنِّف (٢).

والظلُّ أصلُه الستر، ومنه: إنَّا في ظلِّ فلانٍ. ومنه: ظلُّ الجنَّةِ، وظلُّ شجرِها. وظلُّ الليلِ: سوادُه. وظلُّ الشمسِ: ما سترَ الشخوصُ من سقطها. ذكره ابن قتيبة (٢). مصنِّف (٣). (دَلَّ على الزوالِ) وهو وقتٌ دقيقٌ جدًّا لا يكادُ يُدْرَكُ؛ لخفائِه ودقَّتِه، وَيقْصُر الظلُّ في قُطرِ مصرَ في الصيفِ؛ لارتفاعِها إلى الجوِّ، ويطول في الشتاء، لأنَّها لا ترتفعُ في قبَّةِ الفلك. دنوشري.

(قال ابن قتيبة … إلخ) هذا دليلٌ على أن وقتَ الظهرِ من الزوال.

(لأنَّه فَاءَ) تعليلٌ لقولِه: (لا يكون إلَّا بعدَ الزوال)، يعني أن الفيءَ مأخوذٌ من فَاءَ إذا رجعَ؛ لأنَّه ذهبَ ثمَّ رجعَ، إذْ بعد وقوف الظلٌ في كبد السماء رجع بزيادتِه بما ذُكِر.


(١) في "تفسير غريب القرآن" ص ٢٤٣. وابن قتيبة هو: العلَّامة الكبير، ذو الفنون، أبو محمد، عبد الله ابن سلم بن قتيبة الدِّينوري، صاحب التصانيف، منها: "غريب القرآن"، و"غريب الحديث"، و "تأويل مشكل القرآن"، و"عيون الأخبار". (ت ٢٧٦ هـ). "سير أعلام النبلاء" ١٣/ ٢٩٦ - ٣٠٢.
(٢) في "أدب الكاتب" ص ٢٦ - ٢٧، وجاءت العبارة الأخيرة فيه كالتالي: "معنى ظل الشمس ما سترته الشخوصُ من مسقطها".
(٣) "كشاف القناع" ١/ ٢٥٠.