للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعجيلُها أفضلُ إلا في شِدَّة حرٍّ حتى ينكسرَ، ولو صلَّى وحدَه، أو مع غَيْمٍ لمن يصلِّي جماعةً.

أي: رجع من جانبٍ إلى جانب. انتهى. ويختلف ظلُّ الزوال، أي: الموجود لكلِّ شاخصٍ وقتَ الزوال بشهر وبلد.

(وتعجيلها) أي: الظهر بصلاتها أوَّلَ الوقت (أفضلُ) وتحصلُ فضيلتُه بالتأهُّب أوَّلَ الوقت (إلا في شدَّة حرٍّ) فيُسْتَحَبُّ التأخيرُ (حتى ينكسِرَ) الحرُّ؛ لحديث: "أبرِدُوا بالظهر" (١) (ولو صلَّى وحده) يعني أنَّه يُسَنُّ تأخيرُ الظهرِ في شدَّة الحرِّ للجماعةِ والمنفردِ؛ لعذرٍ، كمرضٍ. وليس المرادُ أنَّه يتركُ الجماعةَ، ويؤخِّر وحدَه كما قد بتوهَّم؛ إذ لا يُترك واجبٌ لسُنَّة. ويؤيِّد ما ذكرناه قولُه كغيره: (أو مع غَيْمٍ لِمن يصلِّي جماعةً) أي: فيستحبُّ تأخيرُ الجماعةِ الظهرَ لقُرْبِ وقتِ عَصْرٍ؛ ليسهلَ الخروجُ لهما معًا. وهذا كلُّه في غيرِ الجمعةِ، فيُسَنُّ تقديمُها مطلقًا.

وقولُه: (من جانب) أي: جانب المغربِ، بدليل صَدْر عبارة الشَّارح.

وقوله: (إلى جانب) أي: جانبِ المشرق، صحَّ؛ بدليلِ قول السَّامُريِّ في القولة التي تلي هذه. (بشهر) جارٌّ ومجرورٌ، متعلِّقٌ بقولِه: (ويختلفُ ظلُّ الزوالِ) أي: ويختلفُ ظلُّ الزوالِ بالشهرِ والبلدِ، فيختلفُ قدرُ الظِّل الذي تزولُ عنه الشمسُ بالشهرِ؛ لأنَّه كلَّما طالَ النهارُ، قَصُر الظلُّ، وعكسه، فيقصرُ الظِّلُّ في الصيفِ؛ لارتفاعِها الى الجوِّ، ويطولُ في الشتاءِ، لمسامتتها للمنتصِف، ويقصرُ الظلُّ جدًّا في كلِّ بلدٍ تحتَ وسطِ الفلك، وذكرَ السامريُّ وغيره أن ما كانَ من البلادِ تحتَ وسطِ الفلِك، مثلُ مكَّةَ وصنعاءَ، في يومٍ واحدٍ، وهو أطولُ أيَّام السنةِ، لا ظلَّ ولا فيءَ لوقتِ الزوال، بل يُعْرَفُ الزوال هناكَ، بأنْ يظهرَ للشخصِ


(١) أخرجه البخاري (٥٣٨)، وأحمد (١١٤٩٠) عن أبي سعبد الخدري . وأخرجه البخاري (٥٣٣)، ومسلم (٦١٥)، وأحمد (٩١٩٢) عن أبي هريرة بلفظ: "إذا اشتدَّ الحر، فأبردوا بالصلاة؛ فإنّ الحر من فيح جهنم".