للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويليه وقتُ العصرِ: إلى مصيرِ الظلِّ مِثْلَيْه بعد ظلِّ الزوالِ، ووقتُ الضرورة إلى غروبِها.

ويسنُّ تعجيلُها مطلقًا.

(ويليه) أي: وقتَ الظُّهْر (وقتُ العصرِ) المختارُ من غيرِ فَصْلٍ بينهما، ويستمرُّ (إلى مصيرِ الظِّلِّ مِثْلَيه، بعد ظِلِّ الزَّوال) إن كان كما هو المرادُ حيث قيِّد به (ووقت الضرورةِ إلى غروبِها) أي: غروبِ الشمس، فالصلاةُ فيه أداءٌ، لكنْ يأثَمُ بالتأخير إليهِ بلا عُذْرٍ.

(ويسَنُّ تعجيلُها) أي: العصرِ (مطلقًا) أي: مع حَرٍّ أو غَنمٍ أو غيرِهما،

فيءٌ من نحو المشرِق؛ للعلمِ بأنَّها قد أخذتْ مُغَرِّبةً. فأقلُّ قدرِ ظلِّ الزوالِ، إذا كانَ الشاخصُ بإقليمِ الشامِ والعراقِ قدمٌ وثلثٌ، بقدمِ الآدميِّ، في نصفِ حزيرانَ، وما قاربهُ من الأيَّام ممَّا قبلَه وما بعدَه، وذلك مقارِبٌ لأطولِ أيَّام السنةِ، وأطولُها سابعَ عشرَ حزيران، ويتزايدُ ظلُّ الزوالِ بتقاصرِ النهار، فينتهي إلى عشرةِ أقدامِ وسدسٍ في نصفِ كانونَ الأول، وذلك [مقاربٌ لأقصرِ أيام السَّنة، وأقصرُها سابعَ عشر كانون الأول.

(ويسنُّ تعجيلها) أي: العصر؛ لما روى أبو] (١) برزَةَ الأسلميُّ قال: كانَ رسولُ الله يصلِّي العصرَ، ثمَّ يرجعُ أحدُنا إلى رحله في أقصى المدينة، والشمس حيَّةٌ (٢). ولأنَّ المبادرة إلى امتثالِ الأوامرِ أوْلَى عند العقلاءِ، وأحوطُ في تحصيلِ المأمورِ به؛ لكثرةِ آفات التأخير.

قال الشيخ تقيُّ الدينِ (٣): الصلاةُ في أوَّلِ الوقتِ أفضلُ، إلَّا إذا كانَ في التأخيرِ مصلحةٌ راجحةٌ، كما في هذا الباب مفصَّلًا، والأحاديث الثابتةُ تدلُّ على هذا، فمنها: ما رَوى الترمذيُّ مرفوعًا: أنَّه قال: "الوقتُ الأوَّلُ من الصلاةِ رضوانُ الله، والوقتُ الآخرُ عفو


(١) هاهنا في الأصل سقط وانقطاع في الكلام، وما بين حاصرتين استدرك من "كشاف القناع" ١/ ٢٥١.
(٢) أخرجه البخاري (٥٤٧). وهو أيضًا بنحوه عند مسلم (٦٤٧): (٢٣٥).
(٣) في "الاختيارات" ص ٥٢.