للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: استقبالُ القبلة، فلا تصحُّ بدونه إلا لعاجزٍ ومسافرٍ متنفِّلٍ، ويَفتتحُ الصلاةَ إليها إن لم يشقَّ، ويركعُ ويسجدُ أيضًا إليها ماشٍ.

ومن قَرُبَ من الكعبة، ففرضُه إصابةُ عينِها، ومن بَعُدَ، جهتِها.

بين الأسطوانتين وِجاهَهُ إذا دخل؛ لفعله (١).

والشرط الثامن: ما أشار إليه بقوله: (ومنها استقبالُ القبلة) أي: الكعبة، أو جهتِها، سُمِّيتْ قبلةً؛ لإقبال الناس عليها، قال تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٤٩] (فلا تصحُّ) صلاةٌ (بدونِه) أي: بدونِ الاستقبالِ (إلَّا لعاجزٍ) كمربوطٍ، ومصلوبٍ لغيرِ القبلةِ، وعندَ اشتدادِ الحربِ (و) إلَّا لـ (مسافرٍ) سَفَرًا مباحًا، طويلًا أو قصَيرًا (مُتَنَفِّلٍ) لا مفترضٍ، إذا كان يقصدُ جهة معيَّنة، فله أنْ يتطوَّعَ سائرًا، لا نازلًا، ماشيًا، أو راكبًا، على راحلتِه حيثُما توجَّهتْ به.

(ويفتتحُ) متنفِّلٌ في سفرٍ (الصلاةَ) بالإِحرامِ (إليها) أي: إلى القبلةِ وجوبًا، بالدَّابةِ، أو بنفسِهِ (إنْ لمْ يَشُقَّ) عليه.

(ويركعُ، ويسجدُ أيضًا) أي: كما يفتتح (إليها) أي: إلى القبلةِ وجوبًا (ماشٍ) فاعلٌ يتنازعُه: "يركع، ويسجد". أي: لتيسُّر ذلك عليه. وأما الراكبُ، فيركعُ، ويسجدُ إن أمكن بلا مشقَّةٍ، إلَّا، فإلى جهةِ سَيرهِ، ويومئ بهما، ويجعلُ سجودَه أخْفَضَ. وراكبُ المِحَفَّةِ (٢) الواسعةِ والسفينةِ والراحلةِ الواقفةِ، يلزمُه الاستقبالُ في كلِّ صلاتهِ.

(ومَنْ قَرُب من الكعبة) بأنْ أمكنه معاينتُها، أو الخبرُ عن يقين (ففرضُه إصابةُ عينِها) ببدنِه كلِّه، بحيثُ لا يخرجُ شيءٌ منه عن الكعبة، ولا يضرُّ عُلوٌ، ولا نزول.

(ومن بَعُدَ) عن الكعبة، ففرضُه استقبالُ (جهتِها) فلا يضرُّ التَّيامُنُ والتياسُرُ اليسيران عُرْفًا، إلَّا مَنْ كان بمسجدِه ؛ لأنَّ قبلتَه متيقَّنة.


(١) أخرج البخاري (٣٩٧)، ومسلم (١٣٢٩) عن ابن عمر قال: قلت لبلال: هل صلَّى فيه رسول الله ؟ قال: نعم. قلت: أين؟ قال: بين العمودين، تلقاءَ وجهه. لفظ مسلم.
(٢) المِحَفَّة: مركب من مراكب النساء، كالهوج. "المصباح المنير" (حفف).