للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويَعمل بخبرٍ عن يقين، ومحرابٍ إسلاميٍّ، ويَستدلُّ عليها في السفر بالقطبِ وغيرِه.

ولا يَتَّبعُ مجتهدٌ مجتهدًا خالفَه، ولا يَقتدِي به.

ويتَّبعُ مقلِّدٌ الأوثقَ عنده.

ومن صلَّى بلا اجتهادٍ ولا تقليدٍ

(ويَعمل) مَنْ جَهِلَ القبلةَ (بخبر) مكلَّفٍ ثِقَةٍ عَدْلٍ، ظاهرًا وباطنًا (عن يقين) حرًّا كان أو عبدًا، رجلًا أو امرأة (و) يَعمل أيضًا بـ (ــــمحرابٍ إسلاميٍّ) لأنَّ الاتِّفاقَ عليه مع تَكْرارِ الأعصار إجماعٌ؛ فلا تجوزُ مخالفتُه حيثُ عَلمِه للمسلمين، ولا ينحرف.

(ويَسْتَدِلُّ) جاهلُ القبلة (عليها في السفر بالقُطْب) نجمٍ، خفيٍّ، شماليٍّ، حولَه أنجم دائرةٌ كفَرَاشةِ الرَّحى، في أحدِ طرفيها الجَدْي، وفي الآخر الفَرْقَدان (١). يكونُ القُطْبُ وراءَ ظهرِ المصلِّي بالشام، وعلى عاتِقِه الأيسرِ بِمصرَ. وهو أثبتُ أدلَّتِها؛ لأنَّه لا يزولُ عن مكانه إلَّا قليلًا.

(و) يستدلُّ عليها أيضًا بـ (ـــغيره) أي: غيرِ القُطْبِ؛ كالشَّمْسِ والقمرِ ومنازلهِما؛ فإنَّها تطلُعُ من المشرِقِ وتغرُب بالمغرِب.

ويُستحبُّ تعلُّمُ أدلَّةِ القبلةِ والوقتِ، فإنْ دَخَلَ وخفيتْ، لزمَه، ويقلِّدُ إنْ ضاقَ الوقتُ.

(ولا يتَّبعُ مجتهدٌ مجتهدًا خالفَه) وإن كان أعلمَ منه (ولا يَقتدي به) لأنَّ كلًّا منهما يعتقدُ خطأَ الآخر. (ويتَّبعُ مقلِّدٌ) بكسر اللام، لجهلٍ، أو عمًى (الأوثقَ) من مجتهدَيْن، أي: أعلمَهما (عنده) وأصدقَهما وأشدَّهما تحرِّيًا لدينه؛ لأنَّ الصوابَ إليه أقربُ. فإن تساويا، خُيِّر، وإذا قلَّد اثنين، لم يرجعْ برجوعِ أحدِهما.

(ومن صلَّى بلا اجتهاد) في القبلة مع قدرته عليه (ولا تقليدٍ) إنْ لم يُحْسِنِ


(١) "المطلع" ص ٦٧. والجَدْي: كوكب تعرف به القبلة، ويقال له: جدي الفرقد. والفرقد: نجم يهتدى به. "المصباح المنير" (جدي)، و "القاموس المحيط" (فرقد).