للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن نبَّهه ثقتانِ، فلم يرجع، بطلت صلاتُه إن لم يتيقَّن صوابَ نفسِه، كمتَّبِعه عالمًا، دون مَن فارقَه، أو تَبِعَه ناسيًا، ولا يَعتدُّ بها مسبوقٌ. وعملٌ مستكثَر عرفًا متوالٍ من غيرِ جنسِ الصلاةِ، يُبطلُها عمدُه وسهوه

(وإن) سُهي على إمامٍ، فـ (نبَّهه) بتسبيحٍ، أو غيرِه (ثقتان) أي: عدلان، ضابطان -وظاهرُه: ولو امرأتين، سواءٌ شاركاه في العبادةِ، بأنْ كان إمامًا لهما، أوْ لا، ويلزم تنبيهُه- لَزِمَه الرجوعُ إليهما، سواءٌ سبَّحَا به إلى زيادةٍ، أو نقصٍ، وسواءٌ غَلَبَ على ظنِّه صوابُهما، أو خطؤُهما.

وإن أصرَّ (فلم يرجعْ، بطلتْ صلاتُه) لأنَّه تَرَكَ الواجبَ عَمْدًا (إنْ لم يتيقَّنْ صوابَ نفسِه) فإن تيقَّنه، لم يلزمْه (١) الرجوعُ إليهما؛ لأنَّ قولَهما إنَّما يفيدُ الظَّنَّ، واليقينُ مقدَّم عليه.

وإنِ اختلفَ عليه مَنْ ينبِّهه، سقط قولُهم، ويرجع منفردٌ إلى ثِقَتَينِ (كـ) بطلانِ صلاةِ (متَّبِعِه) أي: مأمومٍ تابَعَه في الزائدة (عالمًا) بزيادتِها، ذاكرًا لها (دون مَنْ فارقَه، أو تبعه ناسيًا) أو جاهلًا، فتصحُّ؛ للعذر (ولا يَعْتدُّ بها) أي: بالزائدة (مسبوقٌ) تابَعَه فيها ناسيًا، أو جاهلًا، سواءٌ دخل معه قبلَها، أو فيها.

(وعملٌ) في الصلاة (مستكثَرٌ عرفًا) فلا يتقيَّد بثلاثِ حَرَكاتٍ (متوالٍ) غيرُ مفرَّق (مِنْ غيرِ جِنْسِ الصَّلاةِ) كمشيٍ، ولُبسٍ، ولَفِّ عمامةٍ (يبطلُها) أي: الصلاةَ (عمدُه، وسهوه) وجهلُه؛ لأنَّه يقطعُ الموالاةَ بين الأركان، ومحل البُطلان: إنْ لم تكنْ ضرورةٌ، كخوفٍ، وهربٍ مِنْ عدوٍّ ونحوه، كما تقدَّم. وقوله: "وعملٌ" مبتدأ، و: "مستكثرٌ" صفةٌ له، و: "عرفًا" منصوبٌ بنزع الخافضِ، و: "متوالٍ" صفةٌ لـ "عمل" بعدَ صفة، و: "مِنْ غيرِ جِنْسِ الصَّلاةِ" حالٌ مِن الضمير في "متوالٍ"، [وجملةُ "يبطُلها" خبرُ المبتدأ] (٢).


(١) جاء في هامش (س) ما نصه: "قوله: لم يلزمه، أي: لم يجز. انتهى. تقرير المؤلف".
(٢) في (م): "وجملة يبطلها: خبر المبتدأ عمدُه وسهوه"، وفي (ح) و (ز): "وجملة يبطلها عمده وسهوه: خبرُ المبتدأ"، والمثبت من الأصل و (س).