للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن ابتدأ بهم قائمًا، وعجز فجلس، ائتموا خلفَه قيامًا.

ولا خلفَ محدثٍ أو نَجِسٍ يَعلَمُ ذلك، فإنْ جَهِلَ مع مأمومٍ حتَّى انقضت، صحَّتْ لمأموم.

جلوسًا أجمعين" متَّفقٌ عليه (١). قال ابنُ عبد البر (٢): هذا من طرقٍ متواترةٍ. وتصحُّ خلفَه قيامًا؛ لأنه الأصلُ.

(وإن ابتدأ) الإمامُ (بهم) أي: بالمأمومين الصلاة حالةَ كونه (قائما، وعجزَ) عن القيام في أثنائِها (فجلس) الإمامُ (ائتمُّوا) أي: المأمومون (خلفه قيامًا) وجوبًا؛ لأنَّه صلى في مرضِ موتِه قاعدا، وصلى أبو بكر والناسُ خلفه قيامًا. متفق عليه من حديث عائشة (٣)، وكان أبو بكرٍ ابتدأ بهم الصلاة قائما -كما أجاب به الإمامُ أحمد (٤) - فوجبَ أن يُتِموها كذلك. (ولا) تصح الصلاةُ (خلفَ مُحدِثٍ) حَدَثًا أكبرَ أو أصغرَ يعلم ذلك. (أو) أي: ولا تصح خلفَ (نَجسٍ) أي: مَن ببدنِه، أو ثوبه، أو بقعَتِه نجاسةٌ غيرُ معفو عنها (يَعلَم ذلك) أي: حدثَه أو نجسَه؛ لأنَّه أخَلَّ بشرطِ الصلاةِ مع القُدرة، أشبَه المتلاعِب.

(فإن جَهِلَ) إمامٌ حدثَه أو نجسَه (مع) جَهلِ (مأمومٍ) بذلك (حتى انفضت) الصلاة (صحت) الصلاةُ (لمأمومٍ) وحدَه؛ لحديث البراءِ بن عازب: "إذا صلى الجُنُبُ بالقوم، أعاد صلاتَه، وتمت للقوم صلاتُهم" رواه محمد بن الحسين الحرَّاني (٥).


(١) البخاري (٦٨٨)، ومسلم (٤١٢) وسلف تخريجه ص ١٣٧ مجزءًا.
(٢) في "التمهيد" ٦/ ١٣٨.
(٣) البخاري (٧١٣)، ومسلم (٤١٨).
(٤) في "مسائله برواية أبي داود" ص ٤٣.
(٥) لعله في كتابه "الفوائد" ولا يزال مخطوطا ولم يطبع، وأخرجه أيضًا الدارقطني في "سننه" (١٣٦٨)، والبيهقي ٢/ ٤٠٠ بنحوه. قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" ٢/ ٣٣: وفيه: جويبر، وهو متروك، وفي السند انقطاع أيضًا. اهـ. والحراني هو أبو سليمان محمد بن الحسين الحراني، سكن بغداد وحدث بها، وكان شيخًا ثقة مستورًا حسن المذهب، (ت ٣٥٧ هـ). "تاريخ بغداد" ٢/ ٢٤٢، و"فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية" [المنتخب من مخطوطات الحديث] للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص ١٦٤.