للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولوحلٍ، وريحٍ شديدةٍ باردةٍ، ولو صلَّى ببيته.

والأفضلُ فعل الأرْفقِ به من تأخيرٍ وتقديمٍ، فإن استويا، فتأخيرٌ أفضلُ، ويرتّبُ المجموعتين.

(و) يجوزُ الجمعُ بين العِشاءَين (لوَحَلٍ) بفتح الحاء المهملة: الطينُ الرقيق (١)، وتقدَّم. (وريحٍ شديدةٍ باردةٍ) ظاهرةٍ، وإنْ لم تكن الليلةُ مظلمةً؛ لأمر ابنِ عمرَ مناديَه في ليلة باردة فنادى: الصَّلاة في الرحالِ (٢). والوحلُ أعظمُ مشقّةً من البَرْد.

وله الجمع لما ذكر (ولو صلَّى ببيته) أو بمسجدٍ طريقه تحتَ ساباط (٣) ونحوه؛ لأنَّ المعتبرَ وجودُ المشقَّة في الجملةِ لا لكل فردٍ من المصلِّين؛ لأن الرُّخصةَ العامّة يستوي فيها حالُ وجودِ المشقَّة وعدمُها، كالسفر.

(والأفضلُ) لمن يجمعُ (فعلُ الأرفَقِ به) أي: الأسهلِ عليه (من تأخيرٍ) للظهرِ إلى وقتِ العصر، أو المغربِ إلى العشاء (و) من (تقديمٍ) للعصرِ وقتَ الظُّهر، أو العشاء وقتَ المغرب؛ لحديث معاذٍ السابق.

(فإن استويا) أي: التقديمُ والتأخيرُ في الأرفقيَّة (فتأخيرٌ أفضلُ) لأنَّه أحوطُ، وخروجًا من الخلاف. ومحل ذلك في غيرِ جَمعَي عرفة ومزدلفةَ، فالأفضلُ بعرفةَ التقديم مطلقًا، وبمزدلفةَ التأخيرُ مطلقًا؛ لفعله فيهما (٤).

(و) يشترطُ لصحَّةِ الجمعِ -تقديمًا، أو تأخيرًا- أنْ (يُرتِّب) الصَّلاتَين (المجموعتَيْن) فلا يصلِّي العَصْرَ بعد الظُّهرِ، ولا العشاءَ قبل المغربِ، فإنْ فعلَ، لم


(١) "المطلع" ص ١٠٢.
(٢) لم نقف عليه من قوله، وسلف ص ١٦٨ عنه مرفوعًا.
(٣) الساباط: سقيفة بين حائطين، تحتهما طريق. "المطلع" ص ١٠٥.
(٤) أخرج البخاري (١٣٩)، ومسلم (١٢٨٠)، وهو عند أحمد (٢١٧٤٢) عن أسامة بن زيد قال: دفع رسول الله من عرفة … فقلت: الصلاة يا رسول الله. فقال: "الصلاة أمامك" فركب، فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزل، ثم أقيمت العشاء فصلى، ولم يصل بينهما.