للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا أخذ في غسلِه، سَتَرَ عورتَه، وجرَّده، وستَرَه عن العيون،

الصُّوَرِ، ولا يغسِّلُه؛ لأنَّه لا يحصلُ بالغسلِ من غيرِ مسٍّ تنظيفٌ، ولا إزالةُ نجاسةٍ، بل ربَّما كَثُرَت. وحَرُم أن يُيَمَّمَ بدون حائلٍ على غير مَحْرَم. ورجلٌ أولى بخُنْثى.

وعُلم منه: أنَّه لا مدخلَ للرِّجال في غسلِ الأقارب من النِّساءِ ولا بالعكس. وحَرُمَ أن يغسِّلَ مسلمٌ كافرًا، أو يحملَه، أو يكفِّنَه، أو يتبعَ جنازتَه، بل يُوارى؛ لِعدمٍ (١).

ويشترطُ لغسلِ الميِّتِ طهوريةُ ماءٍ، وإباحتُه، واسلامُ غاسلٍ، إلَّا نائبًا عن مسلمٍ نواهُ وعَقَلَه، ولو مميِّزًا، أو حائضًا، أو جُنُبًا.

(وإذا أخد) أي: شَرع (في غسلِه، سَتَرَ عورتَه) وجوبًا، وهي ما بين سُرَّتِه وركبتِه فيمن بلغ عشرًا، ولعلَّ مثلَه حرَّةٌ مميِّزةٌ. وأمَّا ابنُ سبعٍ -ولعلَّ مثلَه [أمَةٌ مميِّزةٌ- إلى عشر] (٢)، فالفرجان. ومَنْ دونَ ذلك، لا عورةَ له، كما تقدَّم. (وجرَّدَه) من ثيابه نَدْبًا؛ لأنّه أمَكنُ في تغسيله، وأبلغُ في تطهيره. وغُسِّل في قميصٍ (٣)؛ لأنَّ فضلاتِه طاهرةٌ؛ فلم يُخشَ تنجُّسُ قميصِه.

(وسَتَره عن العيون) تحت سترٍ في خيمةٍ أو بيتٍ إنْ أمْكَنَ؛ لأنّه أسترُ له. وكُرِه لغيرِ مُعينٍ في غسلِه حضوره.


(١) جاء في هامش (س) ما نصه "قوله: لعدم، أي: عدم من يواريه من الكفار. انتهى. تقرير".
(٢) في الأصل و (س): "بنت سبع".
(٣) جاء في هامش (س) ما نصه: "قوله: وغسل. . إلخ، جواب عن سؤال، تقديره: أن يقال: كيف يجرد مع أن النبي غُسِّل في قميص؟ فأجاب بما ذكر بَعْدُ. انتهى قرَّر المصنِّف بعضه". والحديث أخرجه مالك في "الموطأ" ١/ ٢٢٢، ومن طريقه الشافعي ١/ ٢٠٤ "ترتيب مسنده"، وعبد الرزاق (٦٠٧٧)، وابن أبي شيبة ٣/ ٢٤٠ مرسلًا. وأخرجه أبو داود (٣١٤١)، وهو عند أحمد (٢٦٣٠٦) عن عائشة ضمن حديث طويل وفيه: "فغسلوا رسول الله وهو في قميصه يفاض عليه الماء والسدر".
وأخرجه ابن ماجه (١٤٦٦) عن أبي بردة، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: لما أخذوا في غسل رسول الله ، ناداهم مناد من الداخل: لا تنزعوا عن رسول الله قميصه.
وضعَّف إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة" ١/ ٢٦٣ لأجل أبي بردة.