للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأفضلُ الأنساكِ التَّمتُّعُ، بأنْ يُحرِمَ بالعُمرةِ في أشهرِ الحجِّ، وَيفرُغَ منها، ثمَّ يُحرمَ بالحجِّ في عامِه، وعليه دم إنْ كان أُفُقيًّا.

ولو شرطَ أنْ يَحلَّ متى شاءَ، أو إنْ أفسدَه لم يقضِه، لم يصحَّ الشَّرطُ.

ولا يبطلُ إحرامٌ بجنونٍ، أو إغماءٍ، أو سُكرٍ، كموتٍ، ولا ينعقدُ مع وجودِ أحدِها.

والأنساكُ: تمتُّعٌ، وإفرادٌ، وقِرانٌ.

(وأفضلُ الأنساكِ: التَّمتُّعُ) فالإفرادُ، فالقِرانُ. قال الإمامُ أحمدُ: لا أَشكُّ أَنَّه كان قارِنًا، والمُتعةُ أَحبُّ إليَّ؛ لأنَّه آخِرُ ما أَمَر به ؛ ففي الصَّحيحينِ: أَنَّه أَمَرَ أَصحابَه لمَّا طافُوا وسَعَوْا أنْ يجعلوهَا عُمرةً، إلا مَنْ ساقَ هديًا وثبتَ على إِحرامهِ، لسوقِه الهديَ، وتأسَّفَ بقولهِ: "لو استقبلتُ من أَمري ما استدبرتُ، ما سُقتُ الهدي، ولأحللتُ معكم" (١).

والتَّمتعُ: (بأنْ يُحرمَ بالعُمرةِ في أشهرِ الحجِّ، ويَفرُغُ منها، ثمَّ يُحرمَ بالحجِّ في عامه) من مكَّةَ، أو قُربِها، أو بعبدٍ منها، خِلافًا لما يُوهمُه تقييدُ "الإِقناعِ" (٢) بالقربِ منها.

والإِفرادُ: أنْ يُحرمَ بحجٍّ، ثُمَّ بعُمرةٍ بعدَ فراغِهِ منه.

والقِرانُ: أنْ يُحرمَ بهما معًا، أو بها، ثُمَّ يُدخلَه عليها قبلَ شروعٍ في طوافِها. ومنْ أَحرمَ به ثُمَّ أدخلَها عليه، لم يصحَّ إحرامُه بها.

(و) يجبُ (عليه) أي: المتمتِّع (دم) نُسُكِ، لادمُ جُبْرَانٍ (إنْ كان أُفُقيًّا): وهو مَنْ كان مِن مسافةِ قصرٍ فأكثرَ من الحرمِ، بِخلافِ أهلِ الحرمِ، ومَنْ منه دونَ المسافة، فلا شيءَ عليه؛ لقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ١٩٦] وكمتمتِّعٍ في وجوبِ الدَّمِ قارِنٌ.


(١) البخاري (١٦٥١)، ومسلم (١٢١٦)، وهو عند أحمد (١٤٩٤٣) من حديث جابر . وأخرجه البخاري (٧٢٢٩)، ومسلم (١٢١١) (١٣٠)، وهو عند أحمد (٢٥٤٢٥) من حديث عائشة .
(٢) ١/ ٥٦٠.