للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يصحُّ بيعُ لحمٍ بحيوانٍ من جنسِه، ولا بيعُ حَبٍّ بدقيقِه أو سويقِه، ولا نِيْئه بمطبوخِه، ولا خالصِهِ بمَشُوبهِ،

الضَّأنِ والمَعزِ جنسٌ واحدٌ. ولحمُ البَقَرِ والجواميسِ جنسٌ واحدٌ. ولحمُ الإِبلِ جنسٌ، وهكذا، والشَّحْمُ، والكَبِدُ، والقلبُ، والأَلْيةُ، والطِّحال، والرِّئةُ، والكارعُ أجناسٌ؛ لأنَّها مختلفةٌ في الاسم والخِلْقة، فيجوزُ بيعُ جنسٍ منها بآخرَ متفاضلًا.

(ولا يصحُّ بيعُ لحمٍ بحيوانٍ من جنسِه) لما روى مالكٌ، عن زيدِ بن أسلم، عن سعيد بن المسيّب أن النبيَّ "نهى عن بيعِ اللَّحْمِ بالحيوان" (١). ويصحُّ بيعُ اللَّحْمِ بحيوانٍ مِنْ غيرِ جنسِه، كلَحْمِ ضَأنٍ ببقرةٍ.

(ولا) يصحُّ (بيعُ حَبٍّ) كَبُرٍّ (بدقيقهِ أو سوِيقِه) لتعذُّر التساوي؛ لأنَّ أجزاءَ الحبِّ تنتشرُ بالطَّحْنِ، والنَّارُ قد أخذتْ مِنَ السَّويق. وإنْ بِيعَ الحَبُّ بدقيقٍ أو سويقٍ من غير جنسِه، صحَّ؛ لعدم اعتبارِ التَّساوي إذًا.

(ولا) بيعُ (نيْئِهِ بمطبوخِه) كحنطةٍ بهَرِيستها (٢) أو بُخبز أو نَشا -بالفتح، والقَصْر، وقد يُمَدُّ- وهو ما يُعملُ منه الحلواء (٣)؛ لأنَّ النارَ تعقدُ أجزاءَ المطبوخِ، فلا يحصلُ التساوي.

(ولا) بيعُ (خالصِه) أو مشُوبهِ (بمَشُوبه) (٤) كحنطةٍ فيها شعيرٌ بمثلِها أو بخالصة، إلا أن يكونَ الخَلْطُ يسيرًا. وكذا بيعُ اللَّبن بالكَشكِ (٥).


(١) "موطأ" مالك ٢/ ٦٥٥، وهو عند أبي داود في "المراسيل" (١٧٨)، وعبد الرزاق (١٤١٦٢)، والدارقطني (٣٠٥٧)، والحاكم ٢/ ٣٥، والبيهقي ٥/ ٢٩٦.
قال البيهقي: هذا هو الصحيح. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" ٤/ ٣٢٢: لا أعلم هذا الحديث يتصل من وجه ثابت من الوجوه عن النبي ، وأحسن أسانيده مرسل سعيد بن المسيب هذا. اهـ. وينظر "التخليص الحبير" ٣/ ١٠.
(٢) قال أبو زيد في "نوادره" ص ٨١: الهريس: الحَبُّ حين يُدَقُّ بالمِهْراس قبل أن يطبخ، فإذا طبخ، فهو هريسة.
(٣) "المصباح المنير" (نشو).
(٤) جاء في هامش (س) ما نصه: "قوله: بمشوبه، بالباء الموحَّدة في آخره -أي: مخلوطه. انتهى تقرير".
(٥) الكشك: ما يعمل من الحنطة، وربما عمل من الشعير. "المصباح" (كشك).