للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها، ويصحُّ بيعُ نوًى بتمرٍ فيه نوًى، وصوفٍ أو لبنٍ بذاتِ صوفٍ أو لبنٍ ونحوِه.

ويحرُم ربا نسيئةٍ بين كلِّ مكيلَيْن أو موزونَيْن ليس أحدُهما نقدًا، ولو مِنْ جنسَيْن.

منها) أي: من العَجْوةِ، وكبيعٍ مُحلًّى بِفضَّة بفضَّةٍ، أو محلًّى بذهبٍ بذهبٍ، وتسمَّى مسألةَ: مُدّ عجوةٍ ودرهمٍ؛ لأنَّها مُثِّلتْ بذلك. ونصَّ على عدمِ جوازِها؛ لما روى أبو داود عن فُضالةَ بنِ عبيد قال: أُتِيَ النبي بقلادةٍ فيها ذهبٌ وخَرَزٌ، ابتاعها رجلٌ بتسعةِ دنانيرَ أو سبعة دنانير، فقال النبي : "لا، حتَّى تميِّز بينهما" (١) فإنْ كان ما مع الرِّبويِّ يسيرًا لا يُقصَدُ، كخبزٍ فيه ملحٌ بمثلِه، فوجودهُ كعدمهِ.

(ويصحُّ بيعُ نوًى بتمرٍ فيه نوًى، و) يصحُّ بيعُ (صوفٍ أو لبنٍ بـ) شاةٍ (ذاتِ صوفٍ أو لبنٍ)؛ لأنَّ النَّوَى في التَّمرِ، واللَّبنَ والصوفَ في الشاةِ، غيرُ مقصودٍ (ونحوهِ) كدارٍ مموَّهٍ سقفُها بذهبٍ، وكدرهمٍ فيه نُحاسٌ بمثلِه (٢) أو بنحاسٍ.

ثمَّ أشارَ إلى النوع الثاني من نوعَي الرِّبا بقوله: (ويحرُم رِبَا نَسِيئةٍ) من النِّساء -بالمدِّ- وهو التأخير (٣). (بين كلٍّ مكيلَيْن) كبُرٍّ بشعير (أو موزونَيْن) كحديدٍ بنحاس (ليس أحدُهما) أي: الموزونَيْن (نقدًا) فإنْ كان أحدُهما نقدًا كحديدٍ بذهبٍ أو فضةٍ، جاز النَّساء، وإلا لا نْسَدَّ بابُ السَّلَمِ في الموزونات غالبًا. إلا صْرفَ فلوسٍ نافقةٍ (٤) بنقدٍ، فيشترطُ فيه الحلولُ والقَبْضُ، خلافًا لجمْعٍ، وتَبِعهم في "الإقناع" (٥).

ويحرُم رِبَا النَّسيئةِ بينَ ما ذُكر (ولو من جنسَيْن) فإذا بِيعَ بُرٌّ بشعيرٍ، أو حديدٌ بنحاسٍ، اعتُبِرَ الحلولُ والتَّقابُضُ قبلَ التَّفرُّق.


(١) "سنن" أبي داود (٣٣٥١)، وهو عند مسلم (١٥٩١)، وأحمد (٢٣٩٣٩) بنحوه.
(٢) جاء في هامش (ح) ما نصه: "قوله: بمثله. أي: ما يساويه يقينًا في الفضة والغش".
(٣) "المطلع" ص ٢٣٩.
(٤) نفقت الدراهم، أي: نفدت، من باب تعب. "المصباح المنير" (نفق).
(٥) ٢/ ٢٥٧.