أئمة الأصول والمصطلح على حكاية قوله ذلك فيما أعلم. والله الموفق.
وفي فتح المغيث) ص ١٤٠ عن ابن دقيق العيد «إن وافقه غيره فلا يلتفت إليه إخماداً لبدعته وإطفاء لناره وإن لم يوافقه أحد ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع ما وصفنا من صدقة وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالتدين وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء ناره» .
ويظهر أن تقييده بقوله:«وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته» وإنما مغزاه إذا كان فيه تقوية لبدعته لم تكن هناك مصلحة في نشره بل المصلحة في عدم روايته كما مر، ويتأكد ذلك هنا بأن الفرض أنه تفرد به وذلك يدعو إلى التثبيت فيه، وإذا كان كلام ابن دقيق العيد محتملاً لهذا المعنى احتمالاً ظاهراً فلا يسوخ حمله على مقالة ابن قتيبة التي مر فيها.
وقال ابن حجر في (النخبة وشرحها) : الأكثر على قبول غير الداعية إلا أن يروي ما يقوي مذهبه فيرد على المذهب وبه صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي داود والنسائي ... وما قاله متجه لأن العلة التي لها رد حديث الداعية وارده، فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية. والله أعلم.
أقول الضمير في قوله «فيرد» يعود فيما يظهر على المبتدع غير الداعية، أو قع الرد على الراوي في مقابل إطلاق القبول عليه، وقد قال قبل ذلك «والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعة» والمراد برد الراوي رد مروياته كلها. وقد يقال يحتمل عود الضمير على المروي المقوي لمذهبه، وعلى هذا فقد يفهم منه أنه ما عداه، وقد يشعر بهذا استناد ابن حجر إلى قول الجوزجاني فأقول إن كان معنى الرد على هذا المعنى الثاني ترك رواية ذاك الحديث للمصلحة، وإن كان محكوماً بصحته فهذا هو المعنى الذي تقدم أن به تستقيم عبارة الجوزجاني، وإن كان معناه رد ذاك الحديث اتهاماً لصاحبه ويرد معه سائر رواياته فهذا موافق للمعنى الأول، ولا تظهر