موافقته لعبارة الجوزجاني، وإن كان معناه رد ذلك الحديث اتهاماً لرواية فيه ومع ذلك يبقى مقبولاً فيما عداه فليست عبارة الجوزجاني بصريحة في هذا ولا ظاهرة فيه كما مر وإنما هو قول ابن قتيبة.
وسياق كلام ابن حجر ماعدا استناده إلى قول الجوزجاني يدل على أن مقصودة رد الراوي مطلقاً أورد ذاك الحديث وسائر روايات راويه وذلك لأمور منها أن ابن حجر صرح بأن العلة التي رد بها حديث الداعية واردة في هذا وقد قدم أن العلة في الداعية هي «أن تزين بدعته قد يحمله على تحريف الروايات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه، ومن كانت هذه حالة فلم تثبت عدالته كما تقدم فيرد مطلقاً، ومنها أن هذه العلة اقتضت في الداعية الرد مطلقاً فكذلك هنا بل قد يقال على مقتضى كلام ابن حجر: هذا أولى لأن الداعية يرد مطلقاً وإن لم يروما يوافق بدعته وهذا قد روى.
هذا وقد وثق أئمة الحديث جماعة من المبتدعة واحتجوا بأحاديثهم وأخرجوها في الصحاح، ومن تتبع رواياتهم وجد فيها كثيراً مما يوافق ظاهرة بدعهم، وأهل العلم يتأولون تلك الأحاديث غير طاعنين فيها ببدعة راويها ولا في راويها بروايته لها (١) ، بل في رواية جماعة منهم أحاديث ظاهرة جداً في موافقة بدعهم أو صريحة في
(١) كحديث مسلم من طريق الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر قال قال علي: والذي خلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق، عدي قال فيه ابن معين: شيعي مفرط. وقال أبو حاتم: «صدوق وكان إمام مسجد الشيعة وقاصهم» ، وعن الإمام أحمد «ثقة إلا إنه كان يتشيع» وعن الدارقطني «ثقة إلا أنه كان غالياً في التشيع» ووثقه آخرون. ويقابل هذا رواية قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص، عهد النبي صلى الله عليه وسلم جهاراً غير سر يقول: ألا إن آل أبي طالب ليسوا بأولياء، وإنما وليي الله وصالح المؤمنين، إن لهم رحماً سأبلها ببلالها، ورواه غندر عن شيعة بلفظ «إن آل أبي ... » ترك بياضاً، وهكذا أخرجه الشيخان. وقيس ناصبي منحرف عن علي رضي الله عنه. ولي في هذا كلام.