للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كتاب معروف متداول وليس فيه كما ذكرت، إن قال: قد قلت: «أو كلاماً هذا معناه» قالوا: لم تبين أن هذا من عندك، ومع ذلك فعادتك التثبت الزائد حتى إذا سُئلت عن شيء أحلت على الكتاب فكيف يعقل أن تتساهل فيما تثبته في مصنفك.

هذا وقد علمنا أن الأئمة وثقوا الخطيب وثبتوه وبالغوا في إطرائه ولم يعثر له المتعنتون على أدنى خلل في الرواية وقد علمت محاولة ابن الجوزي الغض من الخطيب فلم يظفر بشيء من باب الرواية وإنما تعنت في أمور أخر قد مرّ ما فيها، فمحاولة الأستاذ أن ينسب التغيير إلى الخطيب وأنه تعمده تناوش من مكان بعيد.

قول الأستاذ «أليس في روايتك. ما كان لصاحبك أن يتكلم.. فكيف تتصور..» .

أقول قد يكون هذا من جملة التغيير ويكون الصواب ما في رواية ابن الجوزي من طريق ابن عبد الحكيم «ما كان على صاحبكم أن يتكلم» لكن في رواية الهروي من طريق الربيع «قد رأيت مالكاً وسألته عن أشياء فما كان يحل له أن يفتي» وقد مرّ بيان كلمة «جاهلاً» في رواية الخطيب المراد به الجهل النسبي وحاصله أنه دون مالك في العلم بالكتاب والسنة ومعروف عن أهل الرأي أنهم يؤكدون أمر الرأي والقياس ويقولون من كان عنده من العلم بالكتاب والسنة ما يكفيه وكان جيد النظر في الري والقياس كان عليه أن يفتي ومن كان ضعيف النظر في الرأي والقياس لم يكن له أن يفنى وإن كان أعلم من الأول بالكتاب والسنة. وقد أشار الشافعي في عدة مواضع من كتبه إلى زعم أهل العراق ضعف مالك في القياس ففي (الأم) ج٤ ص٦: «أرأيت من نسبتم إليه الضعف من أصحابنا وتعطيل النظر وقلتم: إنما يتخرص فيلقى ما جاء بلسانه..» وفيها ج٧ ص٢٥٧ «فسمعت بعض من يفتي منهم يحلف بالله ما كان لفلان أن يفتي لنقص عقله وجهالته وما كان ليحل فلان أن يسكت - آخر من هل العلم» على أن المحاجة والملاحة التي تبلغ بالحليم الوقور أن تنتفخ أوداجه وتنقطع أزراره مظنة للإسراف في القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>