في جزئه الذي سماه:(ما رواه الأكابر عن مالك) حيث عد حماد بن أبي حنيفة من هؤلاء الأكابر، فساق حديثاً بطريق حماد بن أبي حنيفة عن مالك، وحماد هذا وإن توفي قبل مالك بنحو ثلاث سنين لكن عدة من الأكابر لا يتم إلا إذا كان ميلاده قبل ميلاد مالك أيضاً فيجب أن يكون ميلاد أبي حنيفة قبل سنة ٨٠ بمدة لا تقل عن عشر سنين ... وابن مخلد من الحفاظ البارعين من شيوخ الدارقطني فلا يحيل عن التحقيق فيما يكتب وجزؤه المذكور محفوظ بظاهرية دمشق في قسم المجاميع رقم ٩٨ وعليه تسميعات وبخطوط كثيرة من حملة الرواية» .
أقول: يكفي لحل هذه الشبهة أن الأستاذ نفسه قال في تعليقه على (الانتفاء) لابن عبد البر: «وفي هذا الجزء رواية الزهري ... والثوري ... وحماد بن زيد، وإبراهيم ابن طهمان، وورقاء وغيرهم» .
ومولد مالك سنة ٩٣، والثوري سنة ٩٧، وحماد بن زيد سنة ٩٨، ولعل في الجزء من ولد بعد ذلك (١) وإبراهيم بن طهمان لم يذكروا ميلاده ويظهر من أسامي شيوخه أنه اصغر من حماد بن زيد لكنه صار من الأكابر في حياة مالك ومات قبله فإن مالكاً عمر، فإذا كان مولد أبي حنيفة أول سنة ٨٠ فإنه يبلغ سنة آخر سنة ٩٨ وهي السنة التي ولد فيها حماد بن زيد تسع عشر سنة فأي مانع من أن يولد له في هذه السنة أو قبلها، والأقرب أن ابن مخلد - إن صح ما في ذاك الجزء - إنما نظر إلى حماد بن أبي حنيفة بلغ مبلغ الأكابر في حياة مالك ومات قبله ولم يدقق في ميلاده لأنه غير معروف، وبالنظر إلى سن أبيه يحتمل أن يكون ولد سنة ٩٧ كالثوري أو سنة ٩٨ كحماد بن زيد أو قريباً من ذلك.
فاتضح أنه ليس فيما وقع في ذلك الجزء ما يخدش فيما قامت عليه الحجة الواضحة أن مولد أبي حنيفة سنة ثمانين.
(١) ... قلت: صدق ظن المؤلف رحمه الله تعالى، ففي الجزء المذكور رواية عبد الله بن وهب عن مالك في عدة مواضع منه (ق ٢٠٥/ ٢ - ٢٠٧ و٢/ و٢٠٨ / ٢) ومولد ابن وهب سنة ١٢٥، وفيه (ق ٢٠٦/ ٢) رواية أشهب وهو ابن عبد العزيز عنه، ومولده ١٤٥. ن